رغم مرور نحو 5 أشهر على إعادة افتتاح العراق والأردن، باتفاقية رسمية، المنفذ البري بينهما لأغراض التبادل التجاري وحركة المسافرين، إلا أن المنفذ البري المعروف باسم معبر طريبيل ما زال خاضعاً لسيطرة مليشيا “حزب الله” العراقية، أحد أبرز فصائل قوات “الحشد الشعبي”.
وكشف مسؤولون محليون في محافظة الأنبار وضباط في الجيش العراقي، اليوم عن سيطرة كاملة لمليشيا “حزب الله” على المعبر الدولي مع الأردن من جهة العراق، مؤكدين أن وجود الجيش وحرس الحدود وشرطة الجمارك شكلي في المعبر، والإدارة كلها بيد فصيل “حزب الله” الذي يتقاضى مبالغ مالية كبيرة، كعائدات يحصل عليها جراء سيطرته على المعبر.
وافتتح العراق والأردن في 30 أغسطس/آب الماضي المعبر المعروف عراقياً باسم طريبيل، وأردنياً باسم الكرامة، ويقع بين مدينة الرطبة العراقية ومدينة الرويشد الأردنية. وتصاعدت وتيرة التبادل التجاري بين الجانبين من خلال المعبر منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو ما يبشر بعودة مستوى النشاط التجاري إلى سابق عهده، قبل اجتياح تنظيم “داعش” للعراق وسيطرته على أجزاء واسعة من مدن شمال وغرب البلاد في يونيو/حزيران 2014، إذ بلغ معدل التبادل التجاري من خلال المنفذ ما بين 4 و5 مليارات دولار سنوياً.
وكشف مسؤول عراقي في مجلس محافظة الأنبار (الحكومة المحلية) عما وصفه “بالسيطرة شبه الكاملة” لمليشيا “حزب الله” العراقية على معبر طريبيل، حيث تتولى مسؤولية الأمن داخل المعبر، فضلاً عن مهمة انتقال الشاحنات من الشطر الأردني إلى العراقي. وحول نوع تلك السيطرة أو صورتها، أوضح المسؤول أن “المليشيا تدير ملف الأمن داخل المعبر، بدءاً من نقطة دخول الشاحنات ومرحلة التفتيش اليدوي وانتهاءً بانتقالها إلى ساحة التبادل أو الانتظار قبل أن تتوجه الشاحنة إلى بغداد”.
وأعلن أن “المليشيا متورطة بتمرير شحنات وبضائع فاسدة أو منتهية الصلاحية، وأخرى غير قانونية، مقابل مبالغ مالية كبيرة دفعها متنفذون في بغداد لها لتخليص تلك البضائع من مقصلة جهاز السيطرة النوعية في المعبر” على حد قوله.
وأضاف المسؤول “تقوم المليشيا أيضاً بمرافقة الشاحنات التي تحمل مواد ثمينة من المعبر إلى بغداد، أو أي مدينة في جنوب العراق، من خلال عربات عسكرية، مقابل مبالغ مالية لا تقل عن 10 آلاف دولار تتلقاها من التاجر، وهي بمثابة حماية لها، وبعض التجار يضطرون للدفع خوفاً من أن يؤدي رفضهم لهذه الخدمة لتعرض بضائعهم في المرات المقبلة إلى ما لا يتمنون”.
واتهم المسؤول المحلي من الأنبار المليشيا “بإدخالها، الأسبوع الماضي، أربع شاحنات محملة بمادة الأسبستوس، التي تدخل في صناعة المنازل منخفضة الكلفة، رغم منع العراق استيرادها، كما في دول أخرى، بعد توصيات منظمة الصحة العالمية بأن المادة المستخدمة في البناء تسبب سرطان الرئة والجلد ومشاكل صحية أخرى”. وأكد أن “حزب الله” تدخل للإفراج عن الشحنة من مخازن الحفظ بعد مصادرتها، و”المؤكد أنه تلقى عمولة جيدة على ذلك”.
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن دور قوات الأمن العراقية المتواجدة في المعبر، كالجيش وحرس الحدود وشرطة الجمارك، ضعيف للغاية، والسلطة الحقيقية على كافة المفاصل هناك بيد قيادي في الحزب، يكنى بـ”الحجي”، يتواجد في مبنى الإدارة داخل المعبر.
وطالب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بـ”التدخل لوضع حد لنفوذ المليشيا خشية إقدام السلطات الأردنية على غلق المعبر من جهتها بسبب ذلك”. وكان رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، عزا، في تصريحات تعتبر الأولى من نوعها وبثتها قنوات تلفزة عراقية محلية، اتساع نطاق تعاطي المخدرات وانتشار الأمراض والتهريب والمواد الرديئة في العراق، إلى سيطرة المليشيات على عدد من المنافذ الحدودية العراقية.
لكن أحد التجار العراقيين في بغداد نفى أن يكون هناك عمليات إجبار من مليشيا “حزب الله” لهم على دفع مبالغ مالية لقاء إيصال بضائعهم بسلام إلى بغداد. وقال حسين الحامدي، وهو أحد التجار المعروفين في السوق العربي وسط بغداد، إن “الجيش لا يسمح بخروج الشاحنات من المعبر نحو بغداد إلا بعد تجمع أكثر من 12 شاحنة، ولا يخرج ليلاً معها، ونحن عامل الوقت لدينا مهم لذا فإن حزب الله يتولى المهمة وهذه إكرامية منا لهم، ولا يمكن اعتبارها إتاوة” وفقاً لقوله.
واعتبر أحد عناصر قوات حرس الحدود العراقية- المنطقة الثانية أن “حزب الله قادر على اعتقال حتى الآمر”، في إشارة إلى آمر القوة المكلفة بتأمين معبر طريبيل مع الأردن. وقال، إن “حزب الله يمسك طريبيل مع الأردن، كما النجباء تمسك معبر القائم مع سورية. هذا شيء معروف ورئيس الوزراء على علم بالملف، وهناك منافذ أخرى غيرها، لكن على نحو أخف”. وأضاف “بالنسبة إلى طريبيل، فإن المنفذ بالكامل تحت سلطة حزب الله، وهو يدخل من يشاء ويمنع من يشاء، والضباط العراقيون لا قدرة لهم على الاعتراض كون قسم منهم مرتشياً وله حصة، وقسم لا يريد التسبب بمشاكل لنفسه ويفضل الصمت”.