في الوقت الذي تؤكد فيه القيادة السياسية العراقية دائماً، في كل محفل تذهب إليه، على إنتهاء تنظيم “داعش” الإرهابي من العراق، يوضح المشهد الميداني على أرض الواقع عكس هذا، ومن أمثلة ذلك ما فعله التنظيم الإرهابي مؤخراً مع عناصر “الحشد الشعبي”، حيث نصبت عناصر من تنظيم “داعش” كميناً للقوات الأمنية العراقية في قضاء “الحويجة”، (جنوب غرب كركوك).
وتمكن الدواعش، الذين تنكروا بزي قوات الجيش العراقي، الأحد 18 شباط/فبراير 2018، من خطف عدد من قوات “الحشد” وقتل 27.
الهجوم تم أثناء العملية النوعية لاعتقال الإرهابيين..
في المقابل، أكد “الحشد الشعبي”، في بيان له، مقتل 27 من عناصره في كمين “الحويجة”، وقال إن قوة خاصة من “الحشد الشعبي” تباشر منذ أيام عمليات نوعية لاعتقال عدد من الإرهابيين والخلايا النائمة في منطقة “الحويجة” والمناطق المحيطة بها، وقد تمكنت من تحقيق إنجازات مهمة إثر ثماني عمليات تم من خلالها اعتقال عدد كبير من الإرهابيين بينهم قادة.
وفي مساء، يوم الأحد، تعرضت هذه القوة لكمين غادر من قبل مجموعة إرهابية من المنطقة متنكرة بالزي العسكري، ما أدى إلى إشتباكات عنيفة دامت لأكثر من ساعتين، حيث بادرت قوة أخرى من “الحشد” بالدخول إلى المنطقة والتدخل لدحر العدو وقتل عدد منهم، وبسبب كثرة أعداد المهاجمين والأجواء الجوية الصعبة، قتل 27 من القوة الخاصة المحاصرة.
ووصف “كريم النوري”، الناطق باسم قوات “الحشد”، الهجوم بأنه “جريمة نكراء”، داعياً إلى فحص شديد للعائدين إلى مناطقهم المحررة.
“العبادي” يأمر بفتح التحقيق..
أعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي، “فالح الفياض”، أن رئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، قد أمر بفتح تحقيق عاجل في ملابسات “حادثة السعدونية”، فيما أشار إلى أنه سيتم الثأر لضحايا الحادثة.
وكان الجيش العراقي قد أعلن، في كانون أول/ديسمبر الماضي، الإنتصار على تنظيم “داعش” الإرهابي في جميع أراضي العراق، وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات من القتال، وطرد المسلحين من جميع المناطق التي سيطروا عليها خلال هجوم عام 2014.
غير أن مسؤولين عراقيين وأميركيين حذروا من أن التنظيم سوف يواصل شن هجمات على غرار المتمردين.
تشكيل تنظيم جديد أو إعادة إحياء القديم..
كشفت صحيفة (الدستور) الأردنية، عن وجود مخطط لدى أبرز قيادي تنظيم “داعش” الإرهابي، المدعو “أبويحيى العراقي”، لتشكيل تنظم جديد، أو إعادة إحياء التنظيم من جديد غرب العراق.
قائلة الصحيفة الأردنية، نقلاً عن مصادر عراقية مطلعة، أن هناك محاولات لـ”داعش” إلى تأسيس أو إعادة إحياء التنظيم، وذلك من خلال عناصره التي ما تزال موجودة هناك؛ ومنهم الإرهابي “أبويحيى العراقي”، القيادي البارز في التنظيم.
والشهر الماضي، شن التنظيم تفجيرات انتحارية متزامنة استهدفت عمالاً وباعة جائلين وسط بغداد، ما أدى إلى مقتل 38 شخصاً على الأقل.
تستهدف جر القوات الأمنية لحرب عصابات واستنزاف قواها..
حول ما إرتكبه تنظيم “داعش” ضد قوات “الحشد الشعبي”، وعن إمكانية عودة التنظيم بشكل آخر، يقول الخبير العسكري، العميد “ضياء الوكيل”، المستشار السابق لمكتب القائد العام للقوات المسلحة، أن: “هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الحشد الشعبي إلى هجمات من جماعات إرهابية، وتحديداً في قضاء الحويجة، والتحليل الدفاعي لهذا الموقف يشير إلى أن المناطق الممتدة ما بين شمالي ديالى وجنوب غرب كركوك مروراً بطوزخورماتو وكفري وداقوق والحويجة وحمرين والمناطق المجاورة لها، شهدت في الفترة الماضية إختراقات أمنية ونشاطات إرهابية لجماعات تقوم بعمليات كر وفر وخطف وقصف بالهاونات على منطقة طوزخورماتو، ومن ثم تفر تلك الجماعات لإتجاهات مختلفة. والهجوم الأخير يؤكد على خطورة الوضع في تلك المناطق، وأيضاً هو بمثابة محاولة إستدراج الحشد الشعبي والقوات الأمنية المتواجدة في تلك المناطق إلى حرب عصابات واستنزاف عن طريق التعرض لها بهجمات على مقراتها وعلى الأرتال العسكرية، وهو موضوع يستدعي إعادة النظر فيه وتقويم الموقف وتجاوز المرحلة السابقة”.
يجب حل الأزمة بين الحكومة الاتحادية والإقليم..
مضيفاً “الوكيل”: أن “العديد من عناصر التنظيم فر من الحويجة ومن المناطق التي كانوا يسيطرون عليها بإتجاه المناطق الجبلية، والآن يحاولون تنظيم صفوفهم والقيام بعمليات وهجمات إرهابية، وهم يعتاشون على الأزمات وعلى الوضع المتصدع في المناطق الواقعة من شمال شرق ديالى إلى جنوب غرب كركوك، حيث تشهد هذه المناطق أزمة سياسية وتوترات ما بين العرب والتركمان والأكراد، وهذا مرتبط ببعد طائفي ويحتاج إلى مسار سياسي وإعادة بناء الثقة وسد الزوايا التي يتسلل منها الإرهاب، ويجب حل الأزمة القائمة بين الإقليم والحكومة الاتحادية”.
التسويق الدعائي يخدم الجماعات الإرهابية..
عن إمكانية عودة التنظيم مرة أخرى وبهيكلية جديدة، يقول “الوكيل”: “إن القوات العراقية لحقت بتنظيم «داعش» هزيمة كبيرة، ولحماية هذا النصر يجب أن يٌربط بمسار سياسي واقتصادي عبر دوران عجلة التنمية في المناطق المحررة، إضافة إلى إدامة زخم عمليات المطاردة لفلول التنظيم، وكذلك مسك الحدود التي تشكل عبئاً على القوات العراقية، وأعتقد أن الحديث عن موضوع عودة تنظيم «داعش» ينطوي بنسبة ما؛ على تشائم وقلة ثقة بالنفس، وربما يخدم هذا التسويق الدعائي الجماعات المسلحة الإرهابية، التي تزعم أنه لا حل في المنطقة بدونها”.
مازال مستمر حتى الآن..
المحلل السياسي العراقي، “حسن الجنابي”، قال إن تنظيم “داعش” الإرهابي مستمر حتى هذه اللحظة في العراق، بالرغم أن القوات العراقية وقوات التحالف الدولي أنهت على جميع معاقله، إلا أنه يظهر ويختفي في أماكن عراقية مختلفة، لأنه تنظيم إرهابي دولي، صنعته الولايات المتحدة وإيران، لذلك يصعب التخلص منه 100%.
وأضاف “الجنابي”، النائب العراقي السابق، أن تنظيم “داعش” الإرهابي على صلة قوية مع إيران، والحكومة الإيرانية تساعد التنظيم الإرهابي على التواجد في العراق، لأنها ترغب في تشييع العراق، وكل هذه الأمور تحدث بمساعدة الولايات المتحدة، حسب تعبيره.
حرض على تكثيف الهجمات..
مشيراً إلى أن تنظيم “داعش” الإرهابي كان قد حرّض عناصره وخلاياه النائمة المتواجدة في العراق، تحديدًا في “الموصل”، التي خسرها العام الماضي، بتكثيف هجماتهم، وتنفيذ المزيد من العمليات الانتحارية بأسرع وقت، وذلك ضمن ما سماه “ملحمة الموصل”.
ونشر التنظيم الإرهابي العديد من التوصيات لعناصره، عبر موقع (التليغرام)، قال فيها إن عناصره، لا زال في جعبتهم من الخبرة الطويلة في معارك المدن وحرب العصابات، ما يساعدهم لأن يواصلوا حربهم، حسب قوله.
محاولة قتل أخطبوط متعدد الأذرع..
كما أكد مدير الاستخبارات الأميركية، “دان كوتس”، أن تنظيم “داعش” لايزال يشكل تهديداً، رغم ما لحق به من هزائم فى العراق وسوريا، واصفاً هزيمة “داعش” بمحاولة قتل أخطبوط متعدد الأذرع.
قائلاً “كوتس” – خلال مشاركته فى مؤتمر “ميونيخ” للأمن، الأحد، أن “داعش سيظل يشكل تهديداً، ويعود ذلك إلى أنه ليس مجرد تنظيم تقليدي، فلديه إيديولوجيا وعقيدة، والدمج بين الإيديولوجيا والعقيدة من شأنه أن يجعل التنظيم يصمد أمام كل الهزائم التي مني بها في ميدان القتال”.