ويكثّف ترامب حملة لاحتواء نفوذ إيران في الشرق الأوسط، فيما أثار مخاوف من أن تكون إدارته راغبة في الإطاحة بنظام طهران، أو تمهد لتبرير عمل عسكري.
وظهر النزاع بين المسؤولين الأميركيين، يوم الثلاثاء، عندما نشرت وزارة الخارجية على موقعها الإلكتروني ثم أزالت نسخة غير سرية من تقرير سنوي إلى الكونغرس؛ يقيّم الالتزام باتفاقيات الحد من الأسلحة، اعتبرت المصادر أنّه يشوّه إيران.
جاء نشر التقرير بعدما صنّفت الإدارة الأميركية رسمياً الحرس الثوري الإيراني، يوم الإثنين، “منظمة إرهابية” أجنبية.
وقالت عدة مصادر إنّ التقرير، الذي نشر مجدداً دون تفسير يوم الأربعاء، جعلهم يتساءلون عمّا إذا كانت الإدارة تصوّر إيران في أسوأ صورة ممكنة، مثلما استخدمت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، معلومات مخابرات زائفة ومبالغاً فيها، لتبرير غزو العراق في عام 2003.
ودافعت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، عن الرأي الخاص بإيران، وقالت، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إنّه يعتمد على “تقييم دقيق لكل المعلومات ذات الصلة”.
وذكرت الوزارة أنّ التقرير نُشر وفاء بمهلة إلزامية حيث كان يتعين عرضه على الكونغرس بحلول 15 إبريل/نيسان.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، إنّ نسخة أشمل غير سرية، ستُقدّم بعد اكتمال مراجعة لتحديد المعلومات التي يمكن نشرها من التقرير السري. ولم تعلّق الوزارة على الخلاف الداخلي بشأن التقرير، أو المخاوف من تسييسه.
وأغفلت النسخة غير السرية من التقرير، التقييمات الخاصة بمدى التزام روسيا باتفاقات رئيسية؛ مثل معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، ومعاهدة “ستارت” الجديدة للحد من الأسلحة.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، إنّ موقف الولايات المتحدة، بأنّ روسيا انتهكت معاهدة القوى النووية متوسطة المدى “واضح”.
ولم يتضمن التقرير أيضاً، تقييمات تفصيلية نشرت في السنوات السابقة، عن مدى التزام إيران وميانمار وكوريا الشمالية وسورية ودول أخرى، بمعاهدة حظر الانتشار النووي.
وتضمن التقرير، بدلاً من ذلك، جزءاً من خمس فقرات لم يتطرّق بالذكر إلى تقييمات لأجهزة المخابرات الأميركية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنّ إيران أنهت برنامجاً للأسلحة النووية في عام 2003، وتمتثل لاتفاق أُبرم في عام 2015 فرض قيوداً على برنامجها النووي المدني.
وجاء في هذا الجزء، أنّ احتفاظ إيران بأرشيف نووي كشفت عنه إسرائيل، العام الماضي، أثار تساؤلات بشأن احتمال وجود خطط لدى طهران لاستئناف برنامج للأسلحة النووية.
وأضاف أنّ أي مسعى من هذا القبيل، من شأنه أن ينتهك معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما ينطبق أيضاً على احتفاظ إيران بمواد نووية غير معلنة، رغم أنّ التقرير لم يقدّم أي أدلة على فعل إيران لأي من الأمرين.
وقال مساعد في الكونغرس، طلب عدم الكشف عن اسمه، مثلما طلبت المصادر الأخرى، لـ”رويترز”، إنّ التقرير “يراكم الاستنتاج فوق الاستنتاج هنا في محاولة لخلق صورة مخيفة”.
وأضاف أنّه عند حذف معظم المحتوى العادي منه، سيصبح التقرير إلى حد بعيد، فقط عن إيران.
وذكر المصدر “توجد مخاوف شديدة من أنّ الهدف الإجمالي… كان المساعدة في إيجاد مبرر لتدخل عسكري في إيران بشكل يبدو مألوفاً للغاية” في إشارة إلى استغلال إدارة بوش لمعلومات مخابرات خاطئة قبل غزو العراق قبل 16 عاماً، والذي أطاح بـصدام حسين.
وقالت ثلاثة مصادر إنّ التقرير المؤلّف من 12 صفحة، بالمقارنة مع 45 صفحة في العام الماضي، يعكس خلافاً بين يليم بوبليت وهي مساعدة لوزير الخارجية مكتبها مسؤول عن صياغة التقرير، ورئيستها وكيلة الوزارة أندريا تومسون.
وقال مصدران إنّ بوبليت سعت لإضافة معلومات مثل قصص إخبارية ومقالات رأي في التقرير، الذي يعتمد عادة على تحليلات قانونية لتقارير المخابرات الأميركية.
وقال مسؤول أميركي سابق مطلع على الأمر، إنّ التقرير “به أيضاً أخطاء أخرى واضحة”. وأضاف أنّ مسودة النسخة غير السرية تضمّنت معلومات سرية.
وذكر مسؤول سابق آخر، أنّه يعتقد أنّ التقرير يُستخدم لدعم وجهات نظر إدارة ترامب بخصوص إيران، لا ليعكس معلومات جمعتها أجهزة المخابرات، وتقييم خبراء وزارة الخارجية، لتلك المعلومات.
وقال المصدر الرابع إنّ “هذا الجزء (من التقرير)… يضيف مسحة سياسية أو يسيس التقرير”، مضيفاً أنّ الإدارة تستخدم على ما يبدو تقريراً كان موضوعياً في السابق “لدعم تأكيدات غير موضوعية”.