حرق القنصلية الإيرانية في النجف
بقلم: د. عارف الكعبي
النجف مركز المسلمين الشيعة الإثنا عشرية الأول عند العرب والعالم. وشباب النجف وما حولها الذين أحرقوا القنصلية قاموا بعمل شعبي عفوي لاحزبي بشهادة المحايدين. ومما لاشك فيه أنّ الاعتداء على البعثات الدبلوماسية عمل مخالف للقانون وللدبلوماسية وللعادات العربية الأصيلة التي تكرم الضيف. لكن عندما يتيقّـن الشعب بأن تلك البعثات الدبلوماسية ماهي إلا مراكز مخابرات وقياداتها من الحرس الثوري وتقوم علناً بالهيمنة على العراق، وتتبجّح من إيران بهذه الهيمنة والتبعية لإيران، فلا لوم على الشباب العراقي الثائر وبوركت سواعدهم في تنظيف العراق من المحتل المفسد.
هؤلاء الشباب، بسبب شظف عيشهم وحرمانهم نتيجة الفساد الذي ترعاه وتعتاش عليه إيران في العراق منذ 2003، انشغلوا رغماً عنهم بمعيشتهم وهمومهم ولم يتسنّى (والحمد لله) لوكلاء إيران في العراق غسل عقولهم بأفكار طائفية أبتُكِرت خصيصاً لتفرّق العرب ولتسيء لسمعتهم فتسلب حظهم في زعامة المسلمين. وهكذا فلم يحتاج هذا الشباب لأكثر من بضعة سنين ليفيقوا (إيران برّه برّه) مما سبق وأن خدعتْ به إيران أو أسكتت بسببه إيران أجيال آبائهم وأجدادهم. ثورتهم فطرية، ثاروا لكرامتهم لعروبتم لإرزاقهم ولسأمهم اللعن والسب والاتهام وانتهاك الحرمات والانبطاح للإيرانيين ومن جاءوا به للعراق بقناع الدين، وقناع الورع الكاذب (باسم الدين باكونا الحرامية).
لقد صوّتوا اليوم بالتّظاهر السلمي وبصدورهم التي تواجه الرصاص، صوّتوا بصراحة ونقاوة وصدق ضدّ إيران والتبعية المقيتة لها (نريد وطن)، وطبعاً صوّتوا ضدّ كل سياسي تابع لإيران. وهم ليسوا لوحدهم، فعشائرهم تقف وراءهم والجيش العراقي والشرطة وبقية الأجهزة المسلحة الوطنية (الغير تابعة لقاسم سليماني) وسائر الشعب يؤيدهم أو يميل معهم. ولكن لماذا تظاهروا في الآن وليس قبل الآن، بعد أكثر من 16 سنة من 2003، وفجأة، وبهذا الإندفاع المبارك؟ هنا بيت القصيد:
يقول المثل العربي، العاقل من اتّعـظَ بغيره، فلماذا لم يتّعظ المتظاهرون العراقيون ولم يتعظ جيل آبائهم قبل الآن بدرس ما فعل الإيرانيون بأشقائهم في دولة الأحواز العربية المحتلة منذ 1925، الذين يماثلونهم في كل شيء: المذهب، والدم، والعادات والتقاليد، وحتى اللهجه؟
إن سبب ذلك يرجع لحرمان كل العرب والعالم من اكتشاف هذا الدرس؛ فالقضية الأحوازية التي بدأت باحتلال إيران لدولة الاحواز العربية في 1925 لم تُدرّس في المناهج المدرسية العربية أسوةً بقضية فلسطين . ولم تمتد الايادي العربية لمساعدة الأحوازيين في التعليم الذي منعته إيران عنهم لعقود، ثم منعت عليهم حتى اللغة العربية بغرض تفريسهم. هذا فضلاً عن سكوت الإعلام العربي عن الأهوال التي ترتكب ضد عرب الأحواز منذ 1925 وعلى طول حكم كافة الحكومات الإيرانية التي اشتركت كلها بشهوة التوسع غرباً وبالأحلام الإمبراطورية.
آن الأوان لحلٍ دائم، للاستفادة من تجربة القضية دولة الأحواز المحتلة في معرفة حقيقة استراتيجية إيران وإدراك إنها لن تُـثـنى عن توسعاتها مهما تبدّلت حكوماتها مادامها مسيطرة على ثروات الأحواز التي تساهم بـ 85٪ من دَخل إيران وفيها تقع معظم الموانئ والمياه العذبة. آن الأوان لمساندة ثورة لتحرير دولة الأحواز واستعادة شرعيتها بحرمان إيران (للأبد) من هذه الثروات بدلاً عن مطاردتها بعقوبات قد لاتثمر حتى بتبديل النظام ناهيك عن إعادة الأحواز للأحوازيين. هذا على أن تتزامن هذه الثورة مع تخليص العراق وسوريا ولبنان واليمن من النفوذ الإيراني والذي سيأتي تلقائياً مع حرمان إيران من ثروة أحوازية هائلة كانت قد احتلتها عسكرياً في 1925 خلافا للقانون الدولي ولكل الأعراف.
بوركت سواعد الثوار العراقيين المتظاهرين، بوركت صحوتهم التي ستسد الطريق إن شاء الله على تمدد إيراني يروم بلوغ بلاد الحرمين ليحقق حلم إزاحة العرب عن زعامة ملياري مسلم.
عارف الكعبي
رئيس تنفيذية دولة الاحواز العربية