بعد شهر من إعلانه “الانتصار على داعش”، يحول العراق اليوم اهتمامه إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، والتي ستلعب دوراً بارزاً في صياغة مستقبل بلد نكب طويلاً بحرب أهلية وصراع طائفي، بحسب كاتب أميركي.
ويرى مات ريسنر، وهو كاتب سياسي، لدى مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية، أن “تلك الانتخابات المقررة في 12 أيار المقبل، ستحدد أي تحالف سوف يسيطر على المجلس النيابي القادم، وبالتالي مَن سيختار رئيس الوزراء”، مشيرا إلى أنه “من بين منافسي حيدر العبادي، رئيس الوزراء الحالي، سلفه نوري المالكي، الذي يرى كثيرون أن تحالفه (دولة القانون) مرشح لانتزاع السلطة من العبادي”.
وبحسب ريسنر، “سيكون سيناريو من هذا القبيل كارثياً بالنسبة للعراق، لأن عودة المالكي إلى السلطة ستقوض استقراراً هشاً نعم به العراق أخيراً، ويهدد بإشعال انقسامات طائفية كامنة أوشكت على تقسيم البلاد”.
ويلفت الكاتب لما يعتبره عدد من المراقبين “فشل المالكي في منع ظهور داعش في العراق، ما أدى لخلعه في عام 2014 لصالح العبادي، وإحالته على منصب شرفي كنائب للرئيس”.
وبرأي ريسنر، “رغم كون العبادي والمالكي عضوين في حزب الدعوة، فقد سعى الأخير، منذ مدة، لاستعادة السيطرة على كل من الحزب والحكومة”. ويقول، “فيما حظي العبادي بتقدير كبير لدوره في هزيمة بداعش، فقد فشل في استمالة حلفاء سياسيين، كما ثبت، في 16كانون الثاني، عند انسحاب عدد من الميليشيات الشيعية من تحالفه”. وفي الوقت ذاته، “بدأ المالكي في خطب ود تحالفات تضم سياسيين كرد بأمل تعزيز قاعدته السياسية، ما ينذر بحدوث تغيير في السلطة العراقية”.
و”لكن المؤسف أن عودة المالكي وكتلته إلى السلطة تمهد لتجدد الفساد وسوء الإدارة اللذين سادا في العراق في عهده”، وفقا للكاتب، الذي يقول إن “المالكي عمل على تحقير الجيش العراقي، واستخدم سلطته كقائد للقوات المسلحة لكي يعين نفسه في منصب وزير الدفاع، ما مكنه من السيطرة التامة على الجيش. كما عمد المالكي لتسييس التعيينات في مواقع رفيعة في الجيش، ونشر لواء أمن شخصي لملاحقة خصومه السياسيين”.
ويقول ريسنر إنه بالرغم من تلقي الجيش العراقي مساعدات من الولايات المتحدة بقيمة مليارات الدولارات، فقد نكب بقيادة فاشلة. وتلقى ما سمي بـ “أشباح جنود”، رواتب دون مشاركتهم في واجبهم العسكري، أو في تدريبات ومناورات، ما حطم معنويات باقي العسكريين العراقيين.
وفي ذات السياق، يذكر الكاتب بـ “سياسات المالكي في استهداف الأقلية السنية التي سيطرت على السلطة طوال حكم صدام حسين. فقد سعى المالكي، وتحت غطاء استئصال حزب البعث، ليس فقط لاستبعاد كبار البعثيين من مواقعهم في السلطة، بل القضاء على بيروقراطية التمثيل السني”.
وهكذا “وجد ساسة من السنة العراقيين أنفسهم وقد طردوا سريعاً من الحكومة، فيما تمت ملاحقة ناشطين وزعماء عشائر سنية بتهم دعم الإرهاب، مع منح ميليشيات مدعومة من إيران حرية العمل في العراق”. وفي رأي الكاتب، فقد “أدرك السنة، وهم يشكلون قرابة 46٪ من سكان العراق، أن مكانتهم كمواطنين من الدرجة الثانية باتت شديدة الوضوح”.
ويشير الكاتب إلى “محاولات العبادي لمعالجة ظروف مكنت من ظهور داعش في العراق، وخصوصاً أن عدداً من تلك الحالات ما زالت موجودة تحت السطح، وقد تتفاقم بسهولة لدى عودة المالكي إلى السلطة، والقضاء على أية نوايا طيبة شعر بها السنة العراقيون حيال الحكومة المركزية في بغداد”.