بقلم: موفق الخطاب
بعد طول انقطاع عن الكتابة ومنغصاتها وما تجلبه من تعكير صفو يوم جميل مع اشراقة كل صباح اصبحنا نفتقدها منذ امد بعيد ..
سنتوجه بكم سادتي الأفاضل الى بلد منسي مزقته الحروب الداخلية والفتن وللاسف الشديد فالدول منقسمة بشأنه إما متفرج غير مبالي او مشارك خبيث له اليد في اشعال النار في الحطب !
و ما كدنا ان نرى بصيص أمل في إخماد نار الحروب المستعرة في عقر دارنا والتفاوض الطويل و الشاق لتحجيم دور المليشيات وعودة اليمن و الانفتاح على سوريا و محاولة دمج العراق في محيطه العربي والهدوء النسبي في ليبيا ، لكنه و منذ عام ونيف فما زلنا نسمع صوت أزيز الراجمات والصواريخ وجعجعة السلاح وأعمدة الدخان المتصاعد وهي تغطي سماء الخرطوم والعديد من المدن وما خلفته من تشريد و دمار وجوع وأوبئة .
بعد أن حزمت قوى الشر معداتها لتنتقل من قارة آسيا بعد أن أنجزت مهمتها في شل وتدمير دول بعينها وإخراجها من المعادلة كمجموعة قوى مؤثرة وجيوش عربية كانت تشكل خطرا على استقرار وأمن الكيان الصهيوني ،لتحط في قلب قارة افريقيا وتحديدا في عقر دار بلد عربي مسلم مهم بعد أن أشرفت وغذت الصراع بين الفرقاء و وصلت بهم الى حافة الإنهيار بإمرة جنرالات ورجالات وتجار حروب بقلوب جلفة يدعي كل منهم وصله بليلى ولا داعي بالخوض في أسمائهم وعناوينهم .
الكثير من المراقبين للوضع السياسي في السودان كانوا يتوقعون حدوث تصادم بين الفرقاء لكن لم يتوقع احد منهم ان يتسع جغرافيا ليلتهم السودان بأسرها ولا ليمتد لهذه المدة وسط صمت عربي ودولي ..
فمنذ عقود والوضع السياسي مرتبك ومتلبك والتناحر الخفي بين الأقطاب على التمسك بالسلطة يمتد كالنار تحت الهشيم، فما أن هبت رياح صفراء خفية من فوقه حتى تطاير الشرر وتعالت النيران.
بعد أن ارسى قواعد الصراع و هيئ فيها الأجواء الديكتاتور المخلوع ( عمر البشير ) وبطانته الفاسدة، فضلا عن اتخاذ شماعة التطبيع مع الكيان الصهيوني بين مؤيد ومعارض لشحن ودغدغة مشاعر الجماهير ، والمماطلة بل التعمد بالحنث عن تنفيذ الوعود الكاذبة بنقل الحكم الى سلطة مدنية ، وما زاد الطين بلة و أجج الصراع بين الاجنحة العسكرية هو التخابر مع بعض الدول و الأنظمة من أجل كسب التأييد و تدفق المزيد من المال والسلاح.
فجميع تلك العوامل شكلت أرضية مناسبة لنشوب الصراع بعد تفكك الجيش النظامي والذي تم اختراقه من قبل المليشيات التي اتخذت عدة عناوين ومواقع داخل جسم الجيش و السلطة المفككة اساسا وجميع ذلك شكل عقبة كئداء في طريق التفاوض والجلوس الى مائدة مستديرة لتغليب مصلحة السودان على المصالح الحزبية والشخصية.
وللأسف فإن أغلب الفرقاء ينفذون اجندة الدول بعيدا عن مصلحة واستقرار السودان .
إن الإنزلاق الى حرب أهلية هو ما خطط له الاعداء وقد نجحوا بذلك وهو أشد تعقيدا من أي مشهد مماثل نظرا لما يشكله موقع السودان الجغرافي في القارة الأفريقية ، ويكاد يشبه موقعه العراق في تأثيره على قارة آسيا والخليج العربي التي ما زالت المنطقة تدفع ثمنه باهضا بالتغافل عن احتوائه في حينها لتقفز ايران وتبتلعه ولتحجم دور العرب حتى خرج عن السيطرة وإكتوى بناره الجميع .
اليوم جميع الدول المحيطة بالسودان تعيش أجواء الحرب حتى وان لم تعلن ذلك صراحة ، فضلا عن الخطر القادم من المليشيات المتربصة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ، والأنظمة منبطحة تماما وقد تخلت عن دورها في مناصرة غزة حتى لا يصلها شرر الكيان الصهيوني ،وهي تستشعر الخطر لكن دون أن تتحوط أو تضع أي خطط عملية لتفاديها وإنقاذ شعوبها مع غياب تام لأي مبادرات وحلول لإحتوائها .
وما يثير الدهشة حقا أن الدول العربية ومنظماتهم وجامعتهم العجوز ما زالوا مكتوفي الأيدي والنار تقترب من ديارهم من كل حدب وصوب وكأنهم غير معنين بشررها !
سيطول الصراع في السودان اكثر مما هو متوقع ولن ينتهي الا بتقسيم ذلك البلد بعد انهاكه الى كاتونات ودويلات ستبقى متصارعة، ولا نستبعد ان يمتد شرره لعدة عواصم من القارة الأفريقية !!
بعد كل ما جرى و يجري في السودان أفلا يشكل كل ذلك ياسادتي يا فخامة و قادة الدول العربية والاسلامية خطرا محدقا بشعوبكم المغلوبة على امرها بتغافلكم او تهاونكم ويشكل غماما أسودا قادما من السودان فوق قصوركم ؟