مع قرب الانتخابات المحلية في العراق، تزداد حدة الصراع بين القوى السياسية، سواء كانت السنية أو الشيعية، وتتجلى أبرز هذه الصراعات في المؤتمر الذي أعلن عنه مؤخرا في محافظة الأنبار (غربا) التي تعد معقل رئيس مجلس النواب العراقي رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي.
وشهدت مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار ،عقد المؤتمر الثالث لتحالف الأنبار الموحد الذي يضم قيادات سياسية سنية عديدة، من أبرزها وزير المالية الأسبق رافع العيساوي، إضافة إلى محافظ الأنبار الأسبق صهيب الراوي وسياسيين آخرين من بينهم سلمان الجميلي وجمال الكربولي وغيرهما.
وفي خضم هذه الأحداث، تزداد التساؤلات عن إمكانية منافسة هذا التحالف للقوى السياسية السنية الأخرى في المحافظات المستعادة من سيطرة تنظيم الدولة عام 2017، مثل تحالف السيادة وحزب تقدم وغيرهما، وفيما إذا كان هذا التحالف يحظى بالدعم الجماهيري والفرصة المواتية لمنافسة الآخرين.
أكد القيادي في تحالف الانبار الموحد طه عبد الغني لـ”وكالة أخبار العرب” ، أن أنعقاد المؤتمر الثالث لتحالف الأنبار الموحد أوجع الفاسدين وكان الفاصل الحقيقي بين الحق والباطل، وأن ، مؤتمر تحالف الانبار هو الاول من نوعه وذلك بحجم الحضور الذي تجاوز 15 الف مواطن، والشكر لقيادة عمليات الانبار والشرطة والحشد العشائري الذين وفروا الحماية للمؤتمر’، مؤكداً أنه ‘لم توجد اي قوة تعمل خارج إطار الدولة في مؤتمر تحالف الأنبار’.
وتابع: أن مؤتمر تحالف الأنبار الموحد ركز على ملف المغيبين والمتقاعدين وجهات فاسدة تستغل معاناة اهالي الأنبار لشراء الذمم، مؤكداً أن تحالف الأنبار الموحد يعمل على رفع الظلم عن اهالي المحافظة.
إلى ذلك، نوه القيادي في تحالف الانبار إلى أن ‘هناك استهداف واضح لكل الاصوات الشريفة الداعمة لرئيس الوزراء’.
ولفت عبد الغني إلى أن ‘الفاسدين إستعانوا بخبرات وأجهزة متطورة لغرض التلفيق والاجتزاء وتركيب المقاطع لغرض التشهير والاساءة لقادة تحالف الأنبار، كشفا عن وجود جهات فاسدة تستغل معاناة أهالي الانبار لشراء الذمم.
التحالف وتوجهاته
وعن أهداف التحالف الجديد، يؤكد القيادي في تحالف الأنبار الموحد سلمان الجميلي -في أن التحالف يهدف لكسر ما وصفه بـ”الاحتكار السياسي” لحزب واحد ومواجهة سياسة تكميم الأفواه ومصادرة الحريات والفساد المالي والإداري المستشري في دوائر محافظة الأنبار، فضلا عن السعي لتوفير مظلة للشباب الطامحين بالعمل السياسي بعيدا عن الخوف والإقصاء لصالح المنتمين لحزب السلطة فقط، وفق تعبيره.
وعن فرص التحالف الجديد في منافسة القوى السياسية الأخرى، يعلق الجميلي الذي شغل منصب وزير التخطيط في حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي قائلا: “نعتقد أن التحالف الجديد لديه فرصة للتنافس في المحافظات المحررة، كونه يستند إلى شخصيات سياسية محترمة مارست السلطة سابقا ولم تسجل عليها ملفات فساد”.
وقد لا يقف الأمر عند ذلك، إذ وبحسب العلي، فإن السنوات الماضية شهدت صعود الكثير من الكتل السياسية السنية مثل جبهة التوافق واتحاد القوى العراقية وغيرهما، وأن غالبية الشخصيات التي تقود تحالف الأنبار الموحد الآن كانت جزءا من تلك التحالفات السابقة، بما قد يعني إمكانية منافستها الفعلية للأحزاب الأخرى، وفق قوله.
إمكانية المنافسة
ولا يخفي سلمان الجميلي إمكانية التحالف مع كتل سياسية أخرى، حيث يؤكد “سندخل الانتخابات المحلية من خلال تحالفنا، بالتأكيد ستكون لنا تفاهمات مع تحالفات أخرى”، مبينا أن قيادات التحالف تحظى بحضور جماهيري رغم تعرضها للإبعاد والظلم خلال السنوات الماضية، وفق تعبيره، معلقا “إن الحزب الحاكم في المحافظات المحررة فشل في تقديم نموذج لمشروع سياسي محترم تلتف حوله الجماهير، مع اعتماد هذا الحزب على السلطة في تصفية خصومه السياسيين واستعداده لتقديم تنازلات كبيرة مقابل الاحتفاظ بالمنصب، وهو ما يعد عاملا مساعدا لنجاح تحالفنا في حصد أصوات كبيرة رغم الماكينة الإعلامية والمالية الكبيرة التي يمتلكها الخصوم”.
على الجانب الآخر، يرىمراقبون ، أن التحالف يضم قيادات سياسية مما يمكن تسميتهم بالرعيل الأول، غير أن جميع هؤلاء القادة كانت لهم مشكلات مع مجتمع محافظة الأنبار وبقية المحافظات السنية، بما قد يعني أن غالبية الجماهير -في هذه المحافظات- ترفض عودة هؤلاء للمشهد السياسي، على اعتبار أن التحالف لا يمتلك رؤية سياسية يمكنه من منافسة القوى السياسية الحالية، مبينا أن شعار محاربة الفساد لن يُمكِّن التحالف من ضرب القوى الأخرى، وأن كثيرا من هذه الزعامات عليها ملفات فساد، وفق قوله.
في غضون ذلك، يرى الباحث السياسي المستقل رعد هاشم أن التحالف لا يمكنه منافسة القوى السياسية الأخرى، لا سيما أن جميع قياداته تعد زعامات من الرعيل الأول، وبالتالي، وبما أن البرلمان اعتمد نظام الدائرة الواحدة للمحافظة في الانتخابات التشريعية والمحلية، فإنه من الصعوبة بمكان أن يبقى التحالف موحدا، فضلا عن إمكانيته في منافسة الأحزاب السياسية السنية الأخرى.