كشفت الحكومة العراقية مؤخراً عن بنود وثيقة الاتفاق بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كُردستان، بشأن إعادة الاستقرار وتطبيع الاوضاع في قضاء سنجار، بالتعاون مع بعثة الامم المتحدة. وهو القضاء الذي شهد واحدة من أسوأ المجازر التي ارتكبها تنظيم “داعش” الإرهابي ضد المكون الإيزيدي العراقي، بعد اجتياحه لمحافظة الموصل في عام 2014.
ففي الوقت الذي باركت فيه الحكومة العراقية وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية وبعثة الامم المتحدة، وبعض القوى السياسية العراقية هذا الاتفاق، ظهرت ردود فعل سياسية عراقية رافضة له، إذ رأتهُ بعض الأحزاب والقوى السياسية حلاً مثالياً لإعادة الاستقرار في سنجار، وتجربة يمكن تطبيقها في مناطق أخرى من البلاد، وصفته بعض الجهات، بأنه إذعان لإقليم كُردستان العراق، ولا يلبي الطموح في الشكل والمضمون.
وقد تَضّمن اتفاق سنجار ثلاث محاور: (المحور الإداري، المحور الأمني ومحور إعادة الاعمار)، فضلاً عن التفسيرات الضمنية لكل محور، وملحق الاتفاق، الذي يعد بمثابة متابعة لتنفيذ بنود الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وسلطات اقليم كُردستان. إذ ينص الاتفاق على اختيار إدارة محلية جديدة لقضاء سنجار وتسلم الشرطة المحلية للملف الأمني، بالإضافة إلى تعزيز هذا الملف بتوظيف 2500 عنصر أمني جديد، حصة ابناء المكون الإيزيدي منها (1000) عنصر. ويدخل كل ما هو أمني ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة إقليم كُردستان.
أما (المحور الخدمي) فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى، وابعاد جميع التشكيلات المسلحة والمجاميع غير القانونية خارج حدود قضاء سنجار، وهنا لا تكمن الاشارة فقط إلى حزب العمال الكوردستاني (PKK) وإنما، قد تكون فيها اشارة أكبر إلى الفصائل الشيعية المنضوية تحت غطاء الحشد الشعبي، ولاسيما أن بعض فصائل الحشد قد عارضت الاتفاق واستنكرته، ووصفته بأنه منحة من الحكومة الاتحادية إلى الاقليم
وعلى الرغم من أنّ الاتفاق يحد من سلطة الجماعات المسلحة، ويمّهد لعودة النازحين وإعادة الاعمار بالتوافق بين طرفي الاتفاق، إلا أن اغلب القوى السياسية اظهرت اتجاههُ مواقف متباينة، تتباين بطبيعة مواقفها السياسية والايديولوجية (المحلية والإقليمية).
فبعضها طالب بأن يكون هناك اتفاق في قضاء مخمور، مشابه لاتفاق سنجار، والبعض منها طالب بأن تكون مناطق جرف الصخر جنوب بغداد وديالى وصلاح الدين، وغيرها من المناطق، التي ما زالت تشكل نقطة خلاف وجدال بين بعض القوى السياسية العراقية، و قد يُشكل هذا الاتفاق تحدي واضح لسلطة الدولة في فرض سلطتها على بعض المناطق مثل جرف الصخر وحزام بغداد وبعض المناطق في ديالى وصلاح الدين، على مستوى الصراع بين سلطة الدولة واللادولة. ولعل الاخيرة أخطرها، إذا ما وقفت تلك القوى ضد قرارات الحكومة الاتحادية في تطبيق بنود الاتفاق.
اما الملفت للنظر في هذا الموضوع هو الازدواجية التي تقوم بها ممثلة الامم المتحدة في العراق جنين بلا سخارت ودورها المريب في حماسها في دعمها لهذا الاتفاق ، مقابل صمتها وتجاهلها لقضايا مشابهة في المناطق ذات التوأمة من حيث الظروف السيئة التي تعانيها تلك المناطق …
في النهاية، يمكننا أن نتسائل، هل سيكون اتفاق سنجار خطوة في استعادة المناطق الأخرى المماثلة لقضاء سنجار من قبضة الجماعات المسلحة، وهل سينهي الاتفاق تواجد تلك الجماعات في القضاء فعلاً، أم سيكون علامة أخرى من علامات تفكيك الدولة وتكريس الفوضى وما الشيء الذي تخبئة المبعوثة الاممية “بلا سخارت” في العراق !؟؟؟