بقلم: سارية العمري
ابتلي العراق ببلاوى يشيب لها الوجدان .. ابتلي أبناء الشعب بثلة من الافاقين والمنافقين من أصحاب اليد الطولى في السرقة ونهب المال العام ، مثلما ابتلي بأصحاب الألسن السلطة ، التي لاهمّ لها سوى أن تقول أكثر مما تفعل ، لله درك يا أبا الحسن والحسين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، حين سئل عن ما يفسد أمر المؤمنين، فقال: ثلاثة وثلاثة ” وضع الصغير مكان الكبير، ووضع الجاهل مكان العالم، ووضع التابع في القيادة “، فويل لأمة ( مالها عند بخلائها، وسيوفها عند جبنائها، وصغارها ولاتها )
في عراق اليوم كثرت فواجع العراقيين من حيث القتل والسلب والسرقة والاحتيال الذي فاق الخيال ، لا بل تعدى الى أكثر من ذلك ليصل الحال ان يوهموا الناس ان ” الدُخن ” الذي يطعمونه للطيور فاكهة طيبة المذاق ، ما حدا بأصحاب السطوة والنفوذ ان يتسارعوا في لملمة أموالهم التي جنوها من العقود الوهمية والنصب والاحتيال، خوفا على مصيرهم المجهول ومصيرِ أموالهم التي تهافتت على إيداعها بنوك العواصم العربية والغربية ، ناهيك عن شبكات الابتزاز اللا اخلاقي التي يقودها اصحاب الرتب العالية وابطالها بنات الليل والبلوغرات والفانشيستات اللاتي اصبحن يهددن بإسقاط العملية السياسية في حال معاقبتهن او محاسبتهن وفضيحة سرقة القرن التي ما زال بطلها انور زهير الذي خرج مؤخراً عبر احدى القنوات التلفزيونية يتبجح بكلامه وكأنه المظلوم والجاني هو الشعب واسترسل في حديثه الذي حمل عبارات التهديد في حال إدانته ، مهدداً ومتوعداً بكشف الشخصيات التنفيذية والتشريعية التي شاركته في هذه السرقة ، ناهيك عن شبكة الابتزاز الاخيرة التي يقودها المدعو محمد جوحي ، الذي يعمل مديراً عاماً في مكتب رئيس الوزراء ، يضاف الى ذلك قانون الاحوال الشخصية “العاهر” الذي يؤسس لبناء عقيدة مجتمعية رذيلة ، من اجل ضرب البنية القيمية والاخلاقية التي اساسها العرف الاجتماعي النزيه الذي سارت على نهجه الاسرة العراقية منذ تأسيس الدولة الوطنية ، ان جميع هذه البلاوى يقف خلفها النظام المحاصصي الطائفي المقيت وعرابوه.
لقد استوقفني خبر قرأته وتأثرت به كثيراً ، كان مفاده : ان سكان احدى المدن البرازيلية عمدوا إلى ربط مستشار برلماني بعمود كهربائي وسط البلدة، بواسطة حبال قوية حتى يكون عبرة لمن اعتبر من المسؤولين الذين سرقوا المال العام . ونحن نتساءل كم يلزمنا من الاعمدة كي نعلق الذين اهدروا دماءنا وسرقوا اموالنا ، بعد أن حولوا أموال البلد الى بقرة حلوب يرتع منها أصحاب السلطة والنفوذ وبطانتهم الذين كانوا يحلمون أن تقع بين أيديهم عملة ورقية من فئة الدولار الواحد ، لا أن تكون بحوزتهم المليارات ان لم نقل الملايين، والاغرب من ذلك انهم يتحدثون بصوت مرتفع عن النزاهة والأمانة وحب الوطن ، وكأنهم بأصواتهم العالية يحسبون او يتخيلون انهم من أصحاب الجاه والمكانة المرموقة، ولو كانت الرجولة تحسب بالصوت العالي لكان الكلب سيد الرجال .
أي بلاوي هذه مزقت البلاد ونهبت خيرات العباد على يد ثلة من الخونة والمتآمرين المنبطحين الذين باتوا لم يعرفوا لون السماء لفرط ما انحنت رقابهم لاسيادهم وولاة أمرهم ، هذا هو حال العراق اليوم ايها السادة أيتها السيدات، وهنا وجب علينا أن نردد ما قاله الشاعر مظفر النواب رحمه الله: لست خجولاً حين أصارحكم بحقيقتكم ، إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم … تتحرك دكة غسل الموتى ، اما انتم لا تهتز لكم قصبة.
ختاماً نقول: كفانا مديح من خرجوا علينا من مكبات القمامة التي لا تخرج منها سوى العفن ، فهؤلاء كرخص الملح عند التاجر
في زمن الجاهلية قال زهير بن أبي أمية… ي أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم؟
والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة .
مصداق حديثنا ، ان جاهلية الأمس اشرف واطهر من حضارة اليوم في ظل بلاوى العراق الكبيرة التي لا تنضب.