رحل قدوري حاملا معه تأريخ طويل من المواقف الوطنية الشريفة والمبادئ الفذة في حب الوطن ، رحل صاحب الحنجرة الماسية الجهورة التي طالما تغنت بحب الوطن بكل الوانه واطيافه ومذاهبه التي لم تعرف عن الولاء والاخلاص الا في حب العراق وحده ، رحل صاحب البشرة السمراء بعد أن أفنى عمره يصرخ في كل الملاعب مشجعا للفرق العراقية ، دون ان يعرفه احد بانه ينتمي لهذا المذهب او ذاك ، حيث الصوت الشجي الذي تجاوز كل الخلافات والمسميات المذهبية والطائفية الضيقة ، رحل هذا الرحل العراقي الغيور ورحلت معه احلامه وتمنياته التي تجاوزت المستطيل الاخضر الذي كان صوته حبيس مقاعده ومدرجاته وجمهوره الذي كان يهتف بعبارته الشهيرة ” عـــــــــرررراق ” رحل قدوري وهو يحمل حسرته لتدفن معه في قبره، هذه الحسرة التي لازمته طوال رحلت المرض التي ألمت به وتركته طريح الفراش ،وهو يرى نفسه في طي النسيان من قبل الحكومة الديمقراطية الرشيدة ومسؤولي الرياضة في العراق.
عندما فاضت روح عندليب الملاعب وحملوا نعشه ، بدأ ينظر هنا وهناك عله يرى انه ترك خلفه من يحملون الرسالة الوطنية من بعده من خلال الجمهور الذي سيسير خلفه ويتاسبق في حمل نعشه ، كانت عيون قدوري تترقب وجوه اللاعبين الذي افنى سنين عمره وهو يلهج باسمائهم في الملاعب ، إنه الوفاء الذي مات معك ياقدوري ومن قبلك مات الضمير الذي ستجده مدفونا أمامك.
اذا كان السياسيين الجدد قد فارقهم الضمير الحي ، فعلى اي تقدير ، ان ضمير اللاعبين الذين كانت اسمائهم تنساب من حنجرة ولسان فقيد الرياضة والوطن ، مازال ينبض في نفوسهم ، ولكن يبدو وبما لايقبل الشك ان الغالبية العظمى من هؤلاء الرياضيين قد اصيبوا بعدوى السياسيين واصيبوا بهذا الداء فمات فيهم الضمير ومعنى الوفاء.
رحل قدوري وشيعه القليلون وهو يبكي حسرة ما يراه ، فلم يعد ذلك العراق الذي عهده أو واكب شذرات زمانه الجميل …. أرحل ياقدوري فلم يعد في العراق شيء يستحق التشجيع. فالرحمه باتت ملزمة ان تطلق على روحك وروح الوطن الذي طالما تغنيت به …. رحم الله قدوري ورحم الله العراق…