زيارة ممكن وصفها بالـ”مفاجئة” قام بها رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني ونائبه قباد طالباني إلى العاصمة الإيرانية طهران، حيث التقيا الرئيس الإيراني وعدداً من المسؤولين الإيرانيين هناك.
ولكن اللافت للنظر أن المسؤولين الكرديين توجها إلى طهران، بعد أن التقيا برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بغداد الذي يعتبره الكثيرون “بطلا منع العراق من التفكك”، بسبب قيادته للعمليات السياسية والعسكرية بعد استفتاء أجراه إقليم كردستان للانفصال عن العراق يوم 25 سبتمبر 2017؛ لقاء هو الأول من نوعه بعد الأزمة الكبيرة في العلاقات بين بغداد وأربيل الناتجة عن الاستفتاء ومن ثم العمليات العسكرية العراقية التي انتزعت المناطق المتنازع عليها من سيطرة الأكراد.
وهناك أمر لافت آخر وهو أن نيجرفان بارزاني وقباد طالباني رافقا بعضهما في هذه الزيارات واللقاءات، حيث إنهما من حزبين متنافسين في إقليم كردستان ويتقاسمان السيطرة على أراضي الإقليم، ولكن المثير هو أن الحزبين دخلا في نزاع كبير بعد العمليات العسكرية العراقية واتهم زعيم حزب الديمقراطي الكردستاني المسيطر في أربيل، الحزب الآخر أي الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يسيطر عليه عائلة الطالباني بالـ”خيانة” بعد انسحاب قواته من كركوك إثر تقدم الجيش العراقي. والأزمة بين الحزبين استمرت حتى إنهما لم يتفقا على ائتلاف موحد في الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة حتى الآن.. ولكن ماذا حدث؟
طهران والحزبان الكرديان
حسب المعلومات التي تلقتها “العربية.نت” من مصادر موثوقة مقربة من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، شهد إقليم كردستان بداية الأسبوع الماضي زيارة سرية لمسؤول عسكري رفيع المستوى، حيث ابتدأت من السليمانية والتقى فيها قادة حزب الاتحاد الوطني، ومن ثم ذهب لأربيل والتقى هناك قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وأضافت المصادر أن المسؤول العسكري الإيراني مارس ضغوطاً على القادة الكُرد وقال لهم إن الخيار الوحيد لتحفيف الضغط عن إقليم كردستان هو حل مشاكلهم مع بغداد عن طريق “إعلان إلغاء نتائج استفتاء الانفصال”.
وطالب المسؤول الإيراني أن يكون هناك موقفاً كردياً موحداً حيال كافة المواضيع المتعلقة بالأزمة، وأن يقوموا بمفاوضات من بغداد بشكل عاجل.
يذكر أن إقليم كردستان يعيش تحت ضغوط اقتصادية وسياسية بعد الاستفتاء حيث أعلن البرلمان العراقي تعليق عضوية النواب الكُرد وأغلقت مطارات الإقليم أمام الرحلات الدولية، ولم تدفع الحكومة المركزية رواتب موظفي الإقليم حتى الآن.
هل سيكون إقليم كردستان ساحة إيرانية أخرى؟
ترافق بارزاني والطالباني في زيارتهما إلى بغداد وطهران. وتحدث نيجرفان بارزاني یوم الاثنين 22 يناير عن زيارته لبغداد التي جرت يوم السبت وقال: “إننا أكدنا في اجتماعنا مع سيادة رئيس الوزراء العراقي على ضرورة حل الخلافات وفق الدستور، وتم الحديث مع بغداد على تشكيل عدة لجان بشأن النفط، المنافذ الحدودية، والمطارات، وكان لأصدقاء بغداد وأربيل دور كبير في اجتماعي الأخير مع العبادي”.
وفي المحطة الإيرانية أكد روحاني لضيفه أن بلاده تدعم “عراقاً موحداً” وأن “الدفاع عن وحدة البلدان واجب على جميع دول المنطقة”.
وقال الرئيس الإيراني إن على إقليم كردستان “جزءا مهما من العراق”، وعليه أن “يلعب دوره في حفظ استقرار العراق وأمنه”، وأن أكراد العراق يجب أن يبحثوا عن حقوقهم “تحت سقف الدستور العراقي”.
وبعد هذه التأكيدات أعلن روحاني عن استعداد إيران “للاستثمار في كردستان العراق”.
لإيران استثمارات تجارية في إقليم كردستان العراق ولكن كانت سابقا محصورة نوعاً ما في السليمانية وكان لتركيا الدور الأكبر في أربيل، حيث كانت تشتري النفط من الإقليم رغم معارضة بغداد. ولكن بعد استفتاء الانفصال وانتزاع بغداد الكثير من المناطق النفطية من الإقليم وإغلاق شركة نفط الإقليم بقرار من الحكومة العراقية، إضافة إلى الأزمة في العلاقات بين أنقرة وأربيل، حيث هددت تركيا مراراً باللجوء إلى القوة “لمنع انفصال إقليم كردستان عن العراق”، هل يبقى للأتراك مجالاً كبيراً للنشاط في إقليم كردستان؟ أم سوف يحل الإيرانيون محلهم؟