بغداد – وكالة اخبار العرب
يعيش المواطن العراقي في المناطق المتضررة من الجفاف حالة فزع غير مسبوقة، فقد أظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة اختفاء تام لبحيرة حمرين التابعة لسد حمرين في محافظة ديالى شرق العراق بالتزامن مع انخفاض ملحوظ في مناسيب مياه نهر دجلة ، حيث تفاقمت موجات النزوح القسري في عدد من المحافظات العراقية بسبب الجفاف الذي تعانيه، والذي تسبب بحرمان مناطق عدة من مياه الأنهار ومن ثم مياه الشرب، ما دفع العديد من العائلات إلى الهجرة بحثاً عن المياه، بينما أعلنت الحكومة عن وضع خطة متكاملة لمواجهتها.
ويقول وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني إن العراق أبلغ إيران خلال زيارة وفد رسمي إلى طهران بأن المشكلة ليست في اتفاقية 1975 بل في تحويل إيران للمجاري النهرية المتجهة نحو العراق، داعيا في الوقت ذاته طهران إلى الجلوس للتفاهم على اعتبار أن الروافد المشتركة أُسّست في ضوئها مجتمعات ومن غير المنطقي حرمان المجتمعات من المياه.
ولفت الحمداني إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارة الخارجية على تدويل قضية المياه مع إيران، مشيرا إلى أن هناك تفاهمات مع تركيا بشأن حصة العراق المائية.
وفي الوقت ذاته اعلنت وزارة الموارد المائية العراقية،عن تعرض عدد من موظفي شركة الفاو في محافظة بابل الى الضرب، ما أدى إلى كسر ساق أحد المنتسبين بسبب تطبيق نظام الحصة المائية التي تفرضه الوزارة على الاراضي الزراعية حسب الحصة المائية المقررة لها .
واشار البيان التي تلقت وكالة اخبار العرب نسخة منه ان الاعتداءات ما تزال مستمرة على ملاكات وزارة الموارد المائية، حيث تعرض منتسبي الوزارة، ممن يعملون بتنفيذ محطة ضخ المحاويل الكهربائية العمودية الدائمية والتي تؤمن الاطلاقات المائية لجدول المحاويل وبشكل منتظم و كفاءة عالية، ليلاً، الى أعتداء بالسبّ والشتم والضرب، مبينا ان الاعتداء أدى الى كسر ساق أحد منتسبي الوزارة العاملين في الموقع.
واوضحت الوزارة ان هذا العمل يأتي لمنع تلك الملاكات التي تبذل قصارى جهدها ليلاً ونهارا، من اداء عملها بتأمين أيصال المياه لمستحقيها وبكافة محافظات العراق.
ووجّه وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني، بأتخاذ أقصى العقوبات بحق المعتدين، دون ان يشير البيان الى الجهة المسؤولة عن الاعتداء .
وقال الخبير في الموارد المائية مالك صادق في تصريح خص به وكالة اخبار العرب ان غياب الجانب الحكومي ساهم في زيادة وطأة الجفاف على السكان في المناطق المتضررة، لافتا الى ان غياب المخصصات الحكومية ساهمت في تدمير قنوات الري واوقفت مشاريع كان يمكن ان تخفف من تضرر المواطنين، ومنها التدخل لتحديد الحصص المائية ودعم مشاريع تساهم في ايجاد بدائل للمتضررين.
واضاف صادق ان البلاد تعيش تحت حصار مائي شديد بعد ان بات يفقد تدريجياً واحدة من ابرز ادوات محاربة تغيرات المناخ وهي المياه .
واوضح ان ازمة المياه في العراق قد تطول ما يتطلب جهداً وعملا حقيقيا من قبل الجهات الحكومية لوضع خطط قصيرة وطويلة الامد للحفاظ على الثروة المائية التي بات الخطر يداهمها.
وادت موجة الجفاف إلى اختفاء مساحات مائية واسعة جداً في البلاد، من أبرزها هور الحويزة الواقع على الحدود العراقية الايرانية، وهور الجبايش الذي يعد واحدا من المعالم السياحية في جنوب العراق، وهذه المستنقعات حولتها موجة الجفاف إلى أراضي جافة متشققة. وترجع أسباب ذلك إلى ندرة الأمطار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وانخفاض مستوى المياه المتدفقة من الأنهار التي تنبع من دولتي الجوار إيران وتركيا.
وتسبب نقص المياه في تصاعد التوترات القديمة حول قنوات الري بين المزارع، مع اتهامات باستهلاك المياه أكثر مما هو عادل ونزح عشرات آلاف الناس في جنوب العراق بسبب ندرة المياه، فتوجه العديد منهم إلى المدن المزدحمة التي تعاني من نقص الوظائف والخدمات بما يثير اضطرابات.
وقال المهندس الزراعي عبيد العجياوي في تصريح خص به وكالة اخبار العرب ان المساحات المزروعة بالمحاصيل الموسمية، خاصة القمح والشعير تراجعت بشكل حاد خلال العام 2022، بفعل أزمة الجفاف المتواصلة في البلاد، والتي تفاقمت مع شح الأمطار خلال فصل الشتاء الماضي.
واضاف العجياوي أن التراجع الحاد التي تظهره بيانات وزارة الزراعة العراقية الأخيرة؛ قابله ارتفاع في الواردات، خاصة من تركيا وإيران ودول آسيوية أخرى، بما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطن الذي كان يستفيد من فارق السعر في البضائع الزراعية المسوقة من خلال الفلاحين.
واشار الى إن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والشعير خلال العام 2022 تراجعت من 11 مليونا و600 ألف دونم إلى أقل من 7 ملايين دونم، وهو أقل نسبة زراعة للمحصولين منذ سنوات طويلة.