في تصريحات جديدة تؤكد عنصريته، قال الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، خلال اجتماع مع أعضاء في الكونغرس بالبيت الأبيض، أن بلاده لا تحتاج مهاجرين من “حثالة الدول”.
وأفادت صحيفة (Politico) بأن “ترامب” قال، أثناء اجتماع مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ قدمت إلى البيت الأبيض لتعرض على الرئيس حلاً وسطاً بشأن المهاجرين من “هايتي” و”السلفادور” والدول الإفريقية: “ما حاجتنا لهؤلاء القادمين من حثالة الدول”.
ورد الرئيس الأميركي على مقترح أعضاء مجلس الشيوخ بالقول إنه يجب على الولايات المتحدة أن تقبل مهاجرين من دول مثل “النرويج”.
يدافع عن مصالح الشعب الأميركي..
لم ينكر البيت الأبيض صدور مثل هذا التعليق من الرئيس الأميركي، بل رأى المتحدث باسم الإدارة الأميركية، “راغ شاه”، أن “بعض الساسة في واشنطن يفضلون الدفاع عن مصالح الدول الأخرى، لكن الرئيس ترامب يدافع دائماً عن مصالح الشعب الأميركي”.
ينكر استخدامه للوصف..
كما يفعل في كثير من الأحيان عبر (تويتر)، رد “ترامب” على هذا الجدل الجديد الذي يضعه في موقف صعب، بينما يحاول فيه التوصل إلى حل وسط في الكونغرس حول قضية الهجرة الحساسة، وقال: إن “اللغة التي استخدمتها في الاجتماع كانت قاسية، لكنني لم أستعمل هذه العبارة”.
وبعد بضع دقائق، أكد عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي، “ديك دوربن”، الذي حضر الاجتماع، أن الرئيس استخدم تعبير “حثالة الدول” عدة مرات.
وسأل الرئيس الأميركي خلال الاجتماع أيضاً: “لماذا نحتاج إلى مزيد من الهايتيين ؟”، لكنه حاول، الجمعة الماضي، أيضاً تقديم صيغة مختلفة لتصريحاته، وقال: “لم أقل أي شيء مسيء عن الهايتيين، أكثر مما هي عليه هايتي، وهي بلد مضطرب غارق في الفقر”.
تصريحات بغيضة ومشينة..
أدانت حكومة هايتي بشدة التصريحات “البغيضة والمشينة”، التي في حال التأكد منها، ستكون “غير مقبولة لأنها تعكس وجهة نظر تبسيطية وعنصرية”.
من جهتها قالت الأمم المتحدة، أن تصريحات ترامب “معيبة” و”عنصرية”.
54 دولة إقريقية تطالبه بالإعتذار..
في الأمم المتحدة أيضاً، أصدرت المجموعة الإفريقية بياناً نادراً، في شدة لهجته وأعتمد بالإجماع، لإدانة تصريحات “ترامب”، وطالب سفراء 54 دولة إفريقية، في بيانهم، الولايات المتحدة بـ”التراجع” و”الإعتذار”، منددين بـ”التصريحات الفاضحة والعنصرية” والمتضمنة “كراهية للأجانب”.
إستدعاء السفراء..
قد إستدعت كل من “السنغال وبوتسوانا” السفير الأميركي لديها للتعبير عن إحتجاجها.
وندد الرئيس الغاني، “نانا أكوفو أدو”، السبت الماضي، بتصريحات “ترامب” وكتب على (تويتر): “لن نقبل بهذه الإهانات حتى من جانب رئيس دولة صديقة مهما كانت قوة هذا البلد”.
أميركا بٌنيت بدم إفريقي..
بدورها، أعتبرت الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية الكندية، “ميكاييل جان”، أن “استخدام الممثل الأول للولايات المتحدة هذه العبارات هو أمر صادم ومهين”.
وأضافت: “فليتذكر أن بلاده تم بناؤها بعرق ودم رجال ونساء أنتزعوا من إفريقيا”.
في أميركا اللاتينية، دعا الرئيس الفنزويلي، “نيكولاس مادورو”، دول “التحالف البوليفاري لشعوب أميركيتنا” إلى التعبير عن تضامنها مع البلدان التي “إعتدى عليها” الرئيس “ترامب”.
وفي “هافانا” دانت وزارة الخارجية الكوبية “بحزم” تصريحات ترامب “العنصرية” و”المهينة” و”السوقية”.
تشجيع للعنصرية وإرهاب للأجانب..
ندد مكتب اللجنة الأممية لحقوق الإنسان تصريحات “ترامب”، معتبراً إياها تصريحات عنصرية.
وقال “روبرت كولفيل”، المتحدث باسم لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، خلال إفادة صحافية في جنيف: “لا يمكنني استخدام كلمة أخرى إلا (عنصري)”. وأضاف: “لا توجد كلمة أخرى يمكن أن يستخدمها المرء سوى (عنصرية).. لا يمكنك أن تصف دولاً وقارات بأكملها بأنها (حثالة الدول)، لأن كل سكانها ليسوا من البيض، ومن ثم فهم غير مرحب بهم”.
وأضاف: “إذا تأكدت هذه التصريحات، فإنها تثير صدمة وهي مخجلة بالنسبة للرئيس الأميركي”.
كما أشار إلى أن الحديث لا يدور عن لغة مبتذلة، بل عن تشجيع للعنصرية وإرهاب الأجانب.
فج ومهين ونفيه ليس قاطعاً..
أحتجت “جنوب إفريقيا” لدى السفارة الأميركية في “بريتوريا” على تصريح “ترامب”، ووصفت وزارة الخارجية في جنوب إفريقيا التصريح بأنه “فج ومهين”، مشيرة إلى أن نفي “ترامب” له فيما بعد ليس قاطعاً.
وقالت الوزارة، في بيان لها: “العلاقات بين جنوب إفريقيا والولايات المتحدة وبين بقية دول إفريقيا والولايات المتحدة يجب أن تستند إلى الإحترام المتبادل والتفاهم”.
وأضافت أنها ستطلب من القائم بالأعمال في السفارة الأميركية، اليوم الإثنين، أن يفسر تصريحات “ترامب”.
سفير “بنما” يقدم استقالته..
إحتجاجاً على التصريحات، رفض سفير الولايات المتحدة في بنما، “جون فيلي”، مواصلة العمل في إدارة “ترامب” وقدم استقالته.
وأبلغ “فيلي” كل من البيت الأبيض والخارجية الأميركية وحكومة “بنما”؛ بأنه إتخذ قرار الاستقالة من منصبه “لأسباب شخصية بدءاً من 9 آذار/مارس من العام الجاري”.
لكن وسائل إعلام أطلعت عن نص طلب الاستقالة، وقالت إن قراره يعود إلى “الإستحالة المبدئية” للعمل لدى إدارة الرئيس “ترامب”.
وقال “فيلي” في طلبه: “حينما شغلت منصب موظف مساعد في وزارة الخارجية، أديت القسم بالخدمة المخلصة للرئيس وإدارته حتى لو كنت غير موافق مع بعض الأبعاد من السياسة المعتمدة”.
وأضاف “فيلي” أن القسم يلزمه بتقديم الاستقالة إذا شعر بأنه غير قادر على مواصلة العمل، وأكد: “لقد حان هذا الوقت”.
الإدارة الأميركية الجديدة تهدر حقوق الشعوب..
كما أدان “الأزهر الشريف” تصريحات “ترامب”، قائلاً في بيان له، إن هذه التصريحات تتنافى تماماً مع قيم التعايش والتسامح وقبول الآخر التي يحتاج إليها عالمنا اليوم، خاصة في ظل تصاعد خطاب التعصب والعنصرية والإسلاموفوبيا والإرهاب، كما أنها تأتي في إطار سياسة التعصب وإهدار حقوق الشعوب التي تنتهجها الإدارة الأميركية الجديدة .
وشدد على أن مثل هذه التصريحات المقيتة لا يليق صدورها عن رئيس دولة متحضرة كما أنها تمثل تنكراً لما تفخر به الولايات المتحدة الأميركية من أنها “أمة من المهاجرين”، وأنها إحدى دول العالم الأكثر تنوعًا واندماجاً، كما يعد هذا تجاهلًا للدور الذي لعبه ملايين المهاجرين ومن بينهم الأفارقة في المساهمة في نهضة ورخاء أميركا، رغم ما تعرض له البعض منهم من قسوة وعنصرية.
وأكد “الأزهر الشريف”، على أن معاناة المحرومين والبائسين يجب ألا تكون محلاً للإزدراء أو التهكم، بل يجب أن تكون منطلقاً لمد يد العون والمساعدة، فكل القيم الإنسانية والشرائع السماوية تحث على الحوار والتعايش وإحترام الآخر، وهو ما يسعى “الأزهر الشريف” لتعزيزه ودعمه من قيادته للحوار بين الشرق والغرب، ورفضه لكل دعوات الكراهية والعنف والتعصب.
وطالب “الأزهر الشريف”، الإدارة الأميركية بالإعتذار عن هذا الخطأ الفادح في حق هذه الشعوب التي أنهكتها الحروب المفتعلة من الغرب، داعياً إلى التراجع عن القرارات الظالمة بحق مدينة “القدس” والشعب الفلسطيني.
أرجأ تطبيق قرار إلغاء العمل بـ”داكا”..
تمحورت النقاشات في اجتماع، الخميس 11 كانون ثان/يناير 2018، في البيت الأبيض حول برنامج “داكا” لتسوية أوضاع مئات آلاف الشباب المهاجرين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة بشكل غير شرعي، وأعلن “ترامب” إلغاء العمل به في أيلول/سبتمبر الماضي.
لكنه أرجأ تطبيق قرار إلغاء العمل بـ”داكا”، الذي سمح لـ 690 ألف شاب من دون أوراق ثبوتية بالعمل والدراسة بشكل شرعي، لإعطاء الكونغرس مهلة ستة أشهر أي حتى آذار/مارس المقبل من أجل إعداد حل دائم لهؤلاء المهاجرين المعروفين باسم “الحالمين”.
وربط “ترامب” موضوع تسوية الأوضاع بمشروعه بناء جدار على الحدود مع المكسيك، الذي يعارضه الديموقراطيون بشدة.
إلغاء دخول القرعة عبر “البطاقة الخضراء”..
بالإضافة إلى تحقيق هذا الوعد، الذي قطعه خلال حملته الإنتخابية، يريد “ترامب” إلغاء دخول القرعة عبر “البطاقة الخضراء” وإصلاح الهجرة الشرعية للحد من لم الشمل العائلي.
من جهته، قال نائب الرئيس السابق الديموقراطي، “جو بايدن”: “ليس هكذا يجب أن يتكلم ويتصرف الرئيس، لكن خصوصاً، ليس هكذا يجب أن يفكر الرئيس”.
ترجمة تصريحات “ترامب” أربكت وسائل الإعلام..
أربكت جملة “ترامب” وسائل الإعلام بسبب محاولة ترجمتها، ولفظ “ترامب” عبارة سوقية جداً (شيت هول)، تعني “الحفر الخارجية”، التي تستخدم مراحيض في أماكن قذرة.
وتكمن الصعوبة التي واجهها الذين يترجمون عبارته، في نقل اللغة الفجة التي لجأ إليها مع مراعاة حساسيات الجمهور.
وحاولت كل وسائل الإعلام الغربية، نقل العبارة بأقرب شكل ممكن إلى ما قاله “ترامب” واستخدمت مفردات بعضها سوقي باللهجات المحلية، لكن في آسيا تواجه معظم وسائل الإعلام صعوبة في ذلك، باستثناء “اليابان”، التي أختارت عبارة “بلد يشبه دورات المياه”، و”الصين”، التي أكتفت بوصف “دول سيئة”.
لكن العبارة الأكثر طرافة أعتمدتها “وكالة الأنباء التايلاندية”، وهي: “البلد الذي لا يبيض فيه الطيور”.
عدد من الخبراء أكدوا على أن تصريحات “ترامب” سيكون لها تأثير سلبي كبير عليه وعلى أميركا، حيث أنها ستؤدي إلى عزلة أميركا عن السياسة الخارجية، فضلاً عن خلق عداوة مع الدول، والعرب خاصة.
تعزله عن الدول الخارجية..
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، “محمد كمال”، قال إن وصف “ترامب” الدول الإفريقية بـ”الحثالة”، يعد خطأ فادح في حق الشعوب الإفريقية.
موضحاً أن هذا الوصف يأتي في إطار سياسة التعصب وإهدار حقوق الشعوب التي تنتهجها إلادارة الأميركية الجديدة، لافتاً إلى أن تصريحات “ترامب” الساذجة خلال الآونة الأخيرة ستعزله عن الدول الخارجية.
وأضاف أن وصف الدول بهذه الألفاظ المنافية لقيم الإنسانية والتسامح؛ لا يجب أن تصدر من رئيس مسؤول عن دولة كبيرة مثل أميركا.
يشوه صورة أميركا..
أستنكر “أيمن سمير”، خبير العلاقات الدولية، أفعال الرئيس الأميركي “ترامب”، والتي آخرها وصفه لمهاجري الدول الإفريقية بـ”الحثالة”.
مؤكداً على أن الرئيس الأميركي يشوه صورة أميركا، “بلد الحريات”، أمام العالم بأفعاله، مشيراً إلى أنه سيجني ثمن هذه التصريحات الساذجة خلال الإنتخابات الرئاسية المقبلة، حيث أنها ستؤثر بالسلب على عدد ناخبيه.
لافتاً إلى أن تصريحات “ترامب” من شأنها التأثير السلبي على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية.
دليل على عدم الإنضباط السياسي..
أنتقد الدكتور “جمال سلامة”، أستاذ علوم سياسية بجامعة السويس، وصف “ترامب” دول القارة السمراء بأنها “دول حثالة”، مشيراً إلى أنه ليس من المقبول تلك التصريحات التي من شأنها التقليل من شعوب إفريقيا.
وأضاف أن هذه التصريحات تعبر عن عدم الإنضباط السلوكي واللفظي والسياسي لـ “ترامب”، مؤكداً على أن هذه التعبيرات الخاطئة، التي يسقط فيها “ترامب” ستؤثر على السياسة الخارجية لأميركا.
وطالب بضرورة توحيد جميع جهود الدول الإفريقية لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية، وإنتهاكات “ترامب” المستمرة تجاه العرب.