فيما تجددت الاضطرابات في عدد من اقليم كردستان العراق الشمالي اليوم فقد اعلنت حركتان سياسيتان سحب وزرائهما من الحكومة وهاجم متظاهرون مقرات لاحزاب معارضة وسط حملة اعتقالات وداهمات استهدفت الصحافيين وتأهب امني واسع وحظر للتجوال بينما دعت حركة التغيير الى الاعتصام فيما طالب معصوم بضبط النفس وحذر بارزاني مما وصفها بموجة قذرة تستهدف الاقليم.
وفي اخر تطور سياسي في الاقليم فقد اعلنت حركة التغيير التغيير والجماعة الاسلامية انسحابهما من حكومة إقليم كردستان احتجاجا على ضرب المتظاهرين ودعما لهم ومن اجل زيادة الضغوط على الحكومة وتهيئة ظروف اسقاطها.
ووسط حملة اعتقالات واسعة ومداهمات شنتها القوات الامنية اليوم في مناطق حلبجة وشارزور وجمجمال ورانية وكويا بمحافظة السليمانية في اقليم كردستان العراق الشمالي واعتقلت خلالها عشرات المدنيين والصحافيين واقتادهم الى جهة مجهولة فقد تجددت تظاهرات الاحتجاج في مناطق عدة من المحافظة حيث هاجم المتظاهرون في قضاء رانية شرق السليمانية مقرات حركة التغيير والجماعة الاسلامية والحركة الاسلامية الكردستانية وهي الاحزاب الداعية الى غيير الحكومة.
وقد اضطر مسؤولو هذه الأحزاب الى انزال أعلامها واخلاء مقراتها سلميا إحتراما للمتظاهرين الذين طالبوا بإخلاء المدينة من القوات الأمنية وتسليم العناصر الذين تسببوا في قتل المدنيين امس مؤكدين استمرارهم في إحتجاجاتهم حتى إسقاط حكومة إقليم كردستان .
ومن جهته اعلن محافظ حلبجة عثمان علي عن قرار يقضي بإنزال الاعلام الحزبية عن جميع مقراتها وعدم رفعها داخل المحافظة. وقال في مؤتمر صحافي مشترك انه تم الاتفاق على منع عمليات الدهم والتفتيش للمنازل واعتقال أي شخص من دون مذكرات قضائية . واشار الى تعطيل الدوام الرسمي ليوم غد في المحافظة حدادا على اروح المواطنين الذين سقطوا في احتجاجات امس حيث قتل 5 اشخاص واصيب 89 اخرون بجروح مختلفة خلال مواجهات مع قوات الامني التي اطلقت ضدهم الرصاص الحي.
ايران تحذر رعاياها
وازاء توسع الاحتجاجات في الاقليم فقد حذرت القنصلية الإيرانية في أربيل رعاياها من خطورة الاقتراب من المناطق التي تحصل فيها أعمال عنف.
وقالت القنصلية في بيان “نظراً للمسيرات والمظاهرات التي خرجت خلال الأيام الماضية ندعو المواطنين الإيرانيين في إقليم كردستان، لعدم الاقتراب من مناطق الاحتجاجات والتجمعات بأي شكل من الأشكال”.
معصوم يدعو لضبط النفس
واكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم ضرورة العمل الجاد والفوري لحل مشكلة دفع الرواتب المتأخرة للموظفين والعمال في اقليم كردستان ومعالجة الصعوبات الحياتية التي يواجهها سكان الاقليم حاليا.. داعيا المتظاهرين إلى ضبط النفس والالتزام بالقانون وعدم الحاق الضرر بالمباني الحكومية والمقرات الحزبية.
ووعد معصوم في رسالة موجهة الى الشعب العراقي وزعتها الرئاسة العراقية الاربعاء بمواصلة الاتصالات لايجاد الحلول اللازمة للأزمة بين اربيل وبغداد على اساس الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية التي اعتبرت في وقت سابق استفتاء الاقليم على الانفصال غير شرعي ويعتبر لاغيا.
واشار الى تظاهرات الاحتجاج الحالية في عدد من مدن واقضية اقليم كردستان فقال انها لمواطنيين معظمهم من الموظفين والعمال للمطالبة بدفع رواتبهم واستحقاقاتهم المتأخرة منذ عدة اشهر وبتحسين شروط حياتهم الاقتصادية والسياسية وللتعبير عن رفض مظاهر الفساد والاحباط في مختلف المجالات وقد تخللها قيام قلة من المتظاهرين باضرام النار في مباني ومقرات تعود لهيئات حكومية وحزبية ما اسفر عن سقوط شهداء وجرحى بين المواطنين العزل.
وناشد المتظاهرين ” تغليب الهدوء والالتزام بالقانون وضبط النفس وعدم الحاق الضرر بالمباني الحكومية ومقرات الاحزاب السياسية”.. داعيا حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية الى العمل الجاد والفوري للاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة.
وطالب معصوم القوات الامنية في الاقليم بحماية أمن المتظاهرين وضمان حقهم بالتعبير التام عن مطالبهم وحقوقهم ومشاعرهم ومنع حرف التظاهرات عن مسارها السليم. وشدد على “الضرورة القصوى للبدء بحوار جاد وفوري وشامل بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان لحل جميع الخلافات بين الجانبين على أساس الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية.
.. والامم المتحدة قلقة
واليوم اعربت بعثةُ الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي” عن قلقها البالغ إزاء أعمال العنف والتقارير الواردة عن وقوع خسائر بشرية خلال تظاهراتٍ في إقليم كردستان العراق في اليومين الماضيين داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتهدئة.
وقالت البعثة في بيان صحافي ان حق المشاركةِ في تظاهراتٍ سلميةٍ مكفولٌ للمواطنين وتقعُ على السلطات في إقليم كردستان العراق مسؤوليةُ حماية مواطنيها من فيهم المتظاهرين السلميين. ودعت القوات الأمنية في الإقليم إلى “توخّي أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين الذين عليهم تجنّب أية أعمال عنف بما في ذلك تدمير الممتلكات العامة والخاصة”.
وطالبت البعثة السلطات الكردية بأحترام وحماية وسائل الإعلام بعد أن تلقّت إحدى القنوات وهي قناة “أن آر تي” التلفزيونية أوامرَ بتعليق بثّها بسبب محتوى تقاريرها بشأن التظاهرات .. وطالبت وسائل الإعلام بالامتثال للقانون مؤكدة على الدور الحاسم للإعلام الحر والنزيه في أيّ مجتمعٍ ديمقراطي.
دعوة للاعتصام
ومن جهتها دعت حركة التغيير الكردية المعارضة الاربعاء موظفي كردستان الى إعلان اعتصام سلمي لحين استقالة حكومة رئيس الوزراء نجيرفان بارزاني الحالية.
وقال المتحدث باسم حركة التغيير شورش حاجي في بيان صحافي أن الاعتصام أفضل أسلوب مدني للتعبير عن احتجاج المواطنين إزاء “ممارسات هذه السلطة المعادية للمواطن”. واشار الى ان التظاهر حق طبيعي للمواطنين وجاء بعدما يأس المواطنون من أن السلطة غير مستعدة لمعالجة أوضاعهم داعيا موظفي الإقليم الى الاعتصام سلميا لحين استقالة الحكومة الحالية”.
وناشد القيادي المعارض المتظاهرين الالتزام بالأساليب المدنية للمطالبة بحقوقهم وليس عبر الهجوم على المقرات والمؤسسات.. محذرا من أن “انتشار الفوضى والعنف لن تحقق أهداف المتظاهرين والاعتصام أفضل الأساليب المدنية للتعبير عن احتجاج المواطنين إزاء ممارسات هذه السلطة المعادية للمواطن
بارزاني : موجة قذرة تهدد الاقليم
وحذر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم سابقا مسعود بارزاني مما اسماها موجة قذرة وغير حضارية تمثل تهديداً لاقليم كردستان وتجربته الديمقراطية مطالباً الجميع الجهات بعدم السماح للأحداث بأن تسير في اتجاه تشويه صورة كوردستان وتجربتها .
وقال المكتب السياسي للحزب في بيان صحافي اليوم انه يرفض أي ممارسة أو فعل أو اعتداء أو هجوم على الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية والحزبية حيث أن هذه الأفعال والممارسات للمتظاهرين تحيد تماماً عن جوهر ورمزية مدنية المظاهرة وتطفي عليها الطابع المسلح”.
واكد دعم مطالب بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وان تقوم حكومة الاقليم بالاهتمام بهذا الامر. واتهم الحزب من اسماهم بالمخربين بوضع مقراته في مقدمة أولوياتهم.. مطالباً الأجهزة الأمنية بالقيام بدورها في حماية أرواح الموجودين في هذه المؤسسات .
ودعا الحزب الديمقراطي جميع الأطراف للتعامل بمسؤولية مع “الموجة القذرة وغير الحضارية التي تمثل تهديداً على إقليم كردستان وتجربته الديمقراطية”..مشيراً إلى أن “تحقيق جزء كبير من مطالب المواطنين، وتجاوز هذه الظروف العصيبة يكون بمساعي وجهود جميع الأطراف بقصد تهيئة الأرضية من أجل إجراء انتخاب ديمقراطي وتشكيل حكومة جديدة يكون تقديم الخدمات وتحقيق الإنصاف على رأس أولوياتها، إلى جانب مهامها (القومية) والوطنية”.
وتشهد عدة مدن في محافظة السليمانية الشمالية تظاهرات واسعة منذ الاحد الماضي يشارك فيها الالاف بينهم معلمون وموظفون ونشطاء تطالب باستقالة حكومة الاقليم ومحاربة الفساد بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة في الاقليم.
وردد المتظاهرون شعارات ابرزها “يسقط اللصوص” و”الموت لبارزاني ويسقط طالباني” و”لتسقط الحكومة الفاسدة” و”تسقط الحكومة التي خسرت مناطق متنازع عليها” في اشارة إلى مدينة كركوك الغنية بالنفط التي استعادت الحكومة الاتحادية السيطرة عليها مؤخرا.
ولم يتسلم الموظفون في حكومة الاقليم رواتبهم منذ ثلاثة اشهر وتقوم السلطات في الاقليم هذه الايام بدفع رواتب شهر ايلول سبتمبر الماضي فيما فرضت اجراءات للادخار الاجباري كما يعيش القطاع الخاص ركودا وازمة حادة الامر الذي دفع عشرات من الشركات المحلية الى غلق ابوابها.