كشفت مصادر عراقية، لـمجلة «المونيتور» الأمريكية، أن رجل الأعمال اللبناني الأمريكي، «جورج نادر»، كان وسيطا في صفقة أسلحة روسية عراقية مثيرة للجدل في عام 2012.
ونقلت المجلة الأمريكية عن مصادر لم تسمها إن «نادر» (58 عاما)، الذي يتعاون حاليا مع المحقق الأمريكي الخاص «روبرت مولر» في تحقيقات تخص التدخل الروسي المحتل بالانتخابات الأمريكية، سافر إلى موسكو عام 2012، وأبلغ الروس أنه يمثل رئيس الوزراء العراقي (آنذاك)، «نوري المالكي»، ويمكن التفاوض على الصفقة من خلاله.
وكان دور «نادر» في الصفقة مثيرا للجدل للمسؤولين العراقيين، وعلى رأسهم وزير الدفاع العراقي (في حينها) «سعدون الدليمي»، الذي لم يكن يعرف أن «المالكي» يعمل مع «نادر» لتجاوز القنوات الرسمية.
وأوردت المجلة الأمريكية تصريحات على لسان مسؤول عراقي سابق (لم تذكر اسمه) شهد لقاءات «نادر» مع «المالكي» في فندقه بالعاصمة الروسية موسكو، في أكتوبر/تشرين الأول 2012، لتوقيع صفقة السلاح المذكورة مع الرئيس «فلاديمير بوتين» بقيمة 4.2 مليارات دولار.
وقال المسؤول العراقي إن «مهنة نادر كوسيط للصفقة في العراق استمرت من منتصف الألفينيات حتى ترك المالكي منصبه في 2014. بعد ذلك، أصبح نادر مستشارا لولي عهد أبوظبي المتنفذ محمد بن زايد».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الثلاثاء الماضي، أنه «تم القبض على نادر واستجوابه من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالى عندما هبط فى مطار واشنطن دولس الدولى يوم 17 يناير/كانون الثاني الماضي، وهو في طريقه للاحتفال بالسنة الأولى لترامب في منصبه».
وأكدت الصحيفة أنه «تم استجواب نادر من قبل هيئة المحلفين الكبرى لمولر مطلع الشهر الجاري»، مشيرة إلى أن «التقارير تفيد بأنه يتعاون مع تحقيقات مولر».
وكشفت الصحيفة الأمريكية أن «أحد أسئلة التحقيق كان حول ما إذا كانت دولة الإمارات قد مررت أموالا لأعضاء إدارة ترامب القادمة في محاولة لفرض نفوذ عليها، وهو ما تجلى في نزاعها مع قطر».
علاقات وثيقة
وأكدت مجلة «المونيتور» أنه بحلول 2012 كان «نادر» قد أقام علاقات وثيقة مع رئيس الوزراء العراقي وابنه نائب رئيس الأركان، «أحمد المالكي»، حسب المصادر العراقية.
وقال المسؤول العراقي السابق: «عمل جورج نادر مع المالكي الأصغر في مشروعات لتوليد الكهرباء، ويبدو أن العلاقة التي قام بها نادر مع نظيره المالكي جلبته إلى الدائرة الداخلية للأب عندما تم التفاوض على صفقة الأسلحة الروسية الضخمة في أغسطس/آب 2012».
ومضى بالقول: «أمضى وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي 24 يوما في موسكو لإنهاء المفاوضات الخاصة بصفقة الأسلحة الروسية البالغة 4.2 مليار دولار. لكن خلال المفاوضات تلقى رسالة من وزير الطاقة الروسي السابق يوري شافرانك يحذره فيها من وجود أشخاص آخرين في موسكو يدعون أنهم يمثلون المالكي، وأن الصفقة يجب أن تمر عبرهم».
وأضاف المسؤول العراقي السابق أنه «في نهاية المطاف، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2012، جاء شفرانيك إلى بغداد لمحاولة توضيح الوضع مع المالكي، وعرض عليه خط اتصال مباشر مع الرئيس الروسي لتجنب الالتباسات والتسريبات».
وأردف قائلا: «رحب رئيس الوزراء العراقي بذلك، وأكد للمسؤولين أنه يرحب باقتراح تبسيط اتصالاتهم، وأشار إلى أن الارتباك حول من يمثل بغداد في صفقة السلاح سيتم حله».
وعبر المسؤول العراقي السابق عن دهشته عندما رافق «المالكي» إلى موسكو في أكتوبر/تشرين الأول 2012 لتوقيع صفقة الأسلحة الروسية عندما رأى «نادر» يدخل الفندق ويأخذ المصعد إلى جناح «المالكي».
وقال: «في ذلك الوقت أدركت أن القضية داخلية، وتتعلق بالفساد».
ووقع العراق صفقة الأسلحة الروسية المثيرة للجدل، التي يشتبه في أنها تشتمل على فساد في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، لكن بعد شهر واحد من توقيعها، أعلن وزير الدفاع العراقي أن الاتفاق تم إلغاؤه بسبب فساد محتمل في العقد، حسب ما أوردته «رويترز».
وقال المستشار الإعلامي لـ«المالكي»، آنذاك، «علي الموسوي»، إن «الصفقة سيعاد التفاوض بشأنها، وأي تعليق للعقد كان إجراء احترازي بسبب الفساد المشتبه فيه».
وبعد خسارة «المالكي» في الانتخابات العراقية في 2014، شق «جورج نادر» طريقه ليصبح مستشارا لولي عهد أبوظبي، بينما حرص على عدم الظهور في الإعلام إلى وقت انتخاب «ترامب».
وقد يكون للتحقيقات التي يجريها «مولر» دور في فهم أنشطة «نادر» الغامضة في التأثير على سياسات إدارة «ترامب» تجاه الشرق الأوسط.