قالت مصادر في الشرطة العراقية إن قوات الأمن قتلت أربعة محتجين في بغداد يوم الجمعة وفرقت عنوة نشطاء يسدون ميناء أم قصر الرئيسي القريب من البصرة في حين قال المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق إن الإصلاحات هي السبيل الوحيد لتجاوز الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.
وذكرت مصادر بالشرطة أن قوات الأمن فتحت النار وأطلقت الغاز المسيل للدموع على محتجين عند جسر بوسط بغداد. ولقي شخصان حتفهما بعد إصابات بالرصاص وقتل آخران نتيجة تصويب قنابل الغاز مباشرة على رأسيهما. وأصيب ما لا يقل عن 61 شخصا.
ونفى المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء مقتل أي متظاهرين يوم الجمعة.
وفي الجنوب، أعادت قوات الأمن العراقية فتح ميناء أم قصر بعدما فرقت بالقوة محتجين كانوا يغلقونه. وذكرت مصادر في الميناء لرويترز أن العاملين تمكنوا من دخوله لأول مرة منذ أن أغلقه محتجون يوم الاثنين، لكن العمليات لم تستأنف على النحو المعتاد بعد.
وقتل ما لا يقل عن 330 شخصا منذ بدء الاضطرابات في بغداد وجنوب العراق في مطلع أكتوبر تشرين الأول في أكبر موجة احتجاجات تشهدها البلاد منذ سقوط صدام حسين عام 2003.
ويطالب المحتجون بالإطاحة بالنخبة السياسية التي يرون أنها مسؤولة عن الفساد وتخدم مصالح أجنبية بينما يعيش الكثير من العراقيين في فقر دون فرص عمل أو رعاية صحية أو تعليم.
من جانب آخر دعا آية الله العظمى علي السيستاني المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق إلى الإسراع في إصلاح قوانين الانتخابات قائلا إن الإصلاحات هي السبيل الوحيد لتجاوز الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.
وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثل له في مدينة كربلاء ”المرجعية… تُشدد على ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخابات وقانون مفوضيتها… لأنهما يمهدان لتجاوز الأزمة الكبيرة التي يمر بها البلد“.
واقترح الرئيس برهم صالح إصلاحات تشمل انتخاب النواب في دوائر فردية بدلا من محافظات بأكملها وأن يخوض المرشحون الانتخابات كأفراد بدلا من خوضها على قوائم الأحزاب، لتلبية مطالب المتظاهرين بتقليص سلطة الأحزاب والتمتع بتمثيل محلي أكبر. لكن مشروع قانون اقترحه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هذا الأسبوع حذف هذه التعديلات.
* إصلاح انتخابي
قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق يوم الأربعاء إن مشروعات القوانين التي تجري مناقشتها في البرلمان تحتاج تحسينات لتلبية مطالب الجماهير.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جانين هينيس بلاسخارت ”أحث البرلمانيين على العمل بناء على مطالب ناخبيهم المشروعة من أجل إجراء انتخابات موثوقة وحرة ونزيهة“.
ونادرا ما يدلي السيستاني برأيه في السياسة إلا في أوقات الأزمات، وهو يحظى بنفوذ كبير على الرأي العام في العراق ذي الأغلبية الشيعية. والتقى مع هينيس بلاسخارت هذا الأسبوع وأيد توصيات الإصلاح التي قدمتها الأمم المتحدة.
وقال يوم الجمعة إن من المهم أن يصلح الساسة قوانين الانتخابات بالطريقة التي وصفت في خطبة الأسبوع الماضي وأكد مجددا أن المحتجين لديهم مطالب مشروعة ينبغي ألا يُرد عليها بالعنف.
وفي ظل استياء المحتجين من وعود بالإصلاح يرونها هزيلة، لجأ الكثير منهم لأساليب العصيان المدني.
وسبق أن أغلق المحتجون ميناء أم قصر من 29 أكتوبر تشرين الأول إلى التاسع من نوفمبر تشرين الثاني باستثناء استئناف قصير للعمليات لمدة ثلاثة أيام. ويستقبل الميناء واردات الحبوب والزيوت النباتية وشحنات السكر إلى بلد يعتمد بشدة على المواد الغذائية المستوردة.
وقال متحدث باسم الحكومة وقتئذ إن هذا الإغلاق أفقد العراق أكثر من ستة مليارات دولار خلال الأسبوع الأول فقط.
* معارك في الشوارع
يعرقل المحتجون في بغداد حركة المرور ولا يزالون يسيطرون على أجزاء من ثلاثة جسور رئيسية مؤدية إلى المنطقة الخضراء الحصينة بالعاصمة التي تضم مباني حكومية وسفارات أجنبية.
واشتبكوا يوم الجمعة مع قوات الأمن التي فتحت النار وألقت قنابل الغاز المسيل للدموع على حاجز خرساني يفصلهم على جسر الأحرار. وحملت عربات التوك توك عشرات الشباب المصابين إلى خيام قريبة يعمل بها مسعفون.
وألقى المتظاهرون الحجارة وأطلقوا ألعابا نارية من خلف الحاجز وارتدى بعضهم قفازات والتقطوا قنابل الغاز المسيل للدموع لإلقائها مرة أخرى.
وهناك مشاهد مماثلة مستمرة في أنحاء العاصمة والعديد من المحافظات الجنوبية منذ اندلاع الاحتجاجات في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر تشرين الأول ثم استئنافها في 25 من الشهر ذاته.
وبعيدا عن الشوارع هناك إضراب تنضم إليه نقابات عمالية يقودها المعلمون على وجه الخصوص. وتم إغلاق المدارس والمصالح الحكومية في عدد من المحافظات الجنوبية يوم الاثنين.
ورفعت الحكومة يوم الخميس الحجب عن تطبيقات التراسل ومواقع التوصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإنستجرام بعد 50 يوما من حجبها.
وأنهت الاضطرابات الهدوء النسبي الذي أعقب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في 2017.
المصدر :(رويترز)