في خطوة نحو الضغط على الحكومة العراقية، أقر مجلس النواب العراقي، الخميس 1 آذار/مارس 2018، قراراً يدعو الحكومة إلى وضع جدول زمني لمغادرة القوات الأجنبية من العراق في إشارة إلى التحالف الدولي الذي قدم الإسناد خلال المعارك ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي بيان مقتضب صدر عن مكتب رئيس مجلس النواب، “سليم الجبوري”، “بعد أن وجه الشكر لجميع الدول التي وقفت مع العراق في حربه ضد عصابات (داعش)، مجلس النواب يصوت على قرار يدعو فيه الحكومة إلى وضع جدول زمني لمغادرة القوات الأجنبية من العراق”.
تحد لتحقيق التوازن بين العدوين..
طلب البرلمان العراقي يسلط الضوء على ما يواجهه “العبادي” من تحدٍ لتحقيق التوازن بين العدوين اللدودين، “الولايات المتحدة” و”إيران”، وهما في الوقت نفسه حليفتان عسكريتان أساسيتان لبلاده.
تحديد جدول زمني لإنسحاب القوات الأجنبية..
النائب، “هشام السهيل”، قال: “البرلمان صوت على قرار ينص على تقديم الشكر للدول الصديقة لتقديمها الدعم في هزيمة الدولة الإسلامية، وبنفس الوقت يطلب القرار من الحكومة تحديد جدول زمني لإنسحاب القوات الأجنبية”.
مضيفاً: أن “الأمر عائد للحكومة لتقرر كم الوقت اللازم الذي نحتاج فيه للبقاء، سنة واحدة، سنتان”.
وأجرى البرلمان التصويت بطلب من مشرعين من “الائتلاف الشيعي” الحاكم؛ ووافق عليه أغلب النواب الحاضرين البالغ عددهم 177.
مازالت الحكومة العراقية بحاجة للقوات الأجنبية..
من جانبه، علق “سعد الحديثي”، المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، على طلب البرلمان مغادرة القوات الأجنبية من العراق، قائلاً: إنه “من حق البرلمان طلب مغادرة القوات الأجنبية من العراق، خاصة بعد إلحاق الهزيمة بـ (داعش)”.
مضيفاً: أن “الحكومة العراقية لا تزال بحاجة للمساعدة من القوات الأجنبية؛ فيما يتعلق بعمليات التدريب والأمور اللوجستية الأخرى، وخصوصاً فيما يتعلق بسوريا، حيث لا يزال الإرهابيون يشكلون خطراً على العراق، إلا أن عدد هذه القوات الأجنبية يمكن تغييره مع المسير نحو المزيد من الاستقرار”.
تحقيق مكاسب سياسية قبل الانتخابات..
حول الخطوة يقول المحلل السياسي، “أحمد يونس”: “إن توقيت التصويت في فترة تسبق الانتخابات يهدف لتوجيه رسالة من الأحزاب الموالية لإيران أنهم لا يريدون بقاء القوات الأميركية في العراق إلى الأبد”.
لافتاً إلى: “إنهم يحققون هدفين: تسليط الضغط على حكومة العبادي لطرد القوات الأجنبية، وكذلك تحقيق مكاسب سياسية تسبق الانتخابات”.
ويسعى “العبادي” لولاية ثانية في انتخابات تشريعية من المقرر أن تجرى في أيار/مايو 2018.
وجودها يتوقف على موافقة الحكومة العراقية..
كان المتحدث باسم التحالف قد أوضح إن وجود القوات يتوقف على موافقة الحكومة العراقية.
وقال الكولونيل، “ريان ديلون”، من الجيش الأميركي: “استمرار وجودنا في العراق سيكون مرهوناً بالظروف، ومتناسب مع الحاجة وبالتنسيق مع الحكومة العراقية وبموافقتها”.
معلناً التحالف إنه بدأ في التحول من إستعادة السيطرة على الأراضي إلى تعزيز المكاسب التي تحققت.
وقام التحالف بتدريب 125 ألف عضو من قوات الأمن العراقية، بينهم 22 ألفاً من مقاتلي “البشمركة” الكردية. وساعد القوات العراقية على إستعادة ما يقرب من ثلث البلاد من يد الدولة الإسلامية من خلال دعم جوي ولوجستي.
انتقادات بسبب الضحايا المدنيين..
إلا أن الانتقادات وجهت للتحالف بسبب عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا في ضربات جوية، إذ قتل 841 مدنياً على الأقل فيها حتى كانون ثان/يناير 2018، فيما يقول التحالف إنه يبذل قصارى جهده لتجنب سقوط مدنيين.
أعلن خفض عدد قواته..
كان “التحالف الدولي” قد أعلن مطلع شباط/فبراير الماضي؛ خفض عدد قواته في 2018 في العراق، بعدما خسر تنظيم الدولة الاسلامية كافة الأراضي تقريباً التي سيطر عليها.
قائلاً “التحالف”، في بيان، إن “وجوداً مستمراً للتحالف في العراق سيؤمن؛ لكن بشروط تتماشى مع الحاجات وبالتنسيق مع الحكومة العراقية” من دون إعطاء أرقام لخفض عدد القوات.
عددهم محدود ولا نية لإعطائهم قواعد..
حول تواجد القوات الاجنبية، كان رئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، قد قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، الثلاثاء الماضي، “أسمع حديثاً حول تواجد التحالف الدولي أو قوات أميركية في العراق. إن عددهم محدود جداً ولا توجد نية بإعطاء أي قواعد”.
مشدداً على أنه “لا توجد أي قاعدة أو مطار لأي قوات أجنبية تحت سيطرتهم؛ وكل المقرات تحت سيطرة القوات العراقية الوطنية والقوات الأجنبية تتواجد في جزء من القاعدة، ولا تقلع طائرة أو تهبط إلا بموافقتنا”.
مطالب بمغادرة قوات “الحشد” أثارت استياءاً..
تصريحات وزير الخارجية الأميركي، “ريكس تيلرسون”، في تشرين أول/أكتوبر 2017، كانت قد أثارت استياءاً عندما دعا المقاتلين الأجانب والميليشيات الإيرانية في العراق إلى مغادرة البلاد، مستهدفاً قوات “الحشد الشعبي”، التي تضم أكثر من 60 ألف متطوع عراقي وتحظى بدعم عسكري إيراني.
وانتقده “العبادي”، وأكد على أن “مقاتلي الحشد الشعبي هم عراقيون قاتلوا ضد الإرهاب ودافعوا عن بلادهم وضحوا بأنفسهم” في معركة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية.
ويمثل تواجد القوات الأجنبية في العراق، والتي يشكل العسكريون الأميركيون أغلبها، مسألة خلافية بين القوى العراقية.
وأثارت خطط معلنة للإبقاء على عدد من القوات الأميركية في العراق سجالات واسعة على خلفية نداءات متكررة من قوات “الحشد الشعبي”، التي تضم فصائل شيعية موالية لإيران، بمغادرة القوات الأجنبية للبلاد.
الفصائل المسلحة تطالب بخروج القوات الأجنبية..
طالب قادة فصائل مسلحة، تعد مقربة من إيران، بخروج القوات الأجنبية؛ ومن بينهم زعيم عصائب أهل الحق، “قيس الخزعلي”.
قائلاً “الخزعلي”، في بيان: “سمعنا بشكل متكرر من المسؤولين الأميركيين أنهم يريدون البقاء في العراق بعد القضاء على (داعش)، نحن لا نسمح بذلك. إنه أمر غير مقبول”.
كما طالبت “كتائب حزب الله” كذلك؛ الحكومة العراقية والبرلمان بإصدار قرار ثابت يشدد على إرسال القوات الأميركية إلى بلادها.
وطالبت “منظمة بدر” و”كتائب حزب الله” العراقية، في شباط/فبراير الماضي، بإنسحاب كامل للقوات الأميركية من العراق، على نقيض ما تخطط له الحكومتان العراقية والأميركية بالإبقاء على جزء من تلك القوات “لأغراض تدريبية واستشارية”.
وقالت “منظمة بدر”، الموالية لإيران والمقربة من “العبادي”، إن أي قوات أميركية ستبقى في البلاد ستكون مصدراً للاضطرابات.
مضيفة: أنه “يجب أن يكون التنسيق بين الحكومتين من أجل الإنسحاب الكامل لا من أجل البقاء، لأن البقاء من شأنه أن يعرض البلاد للانقسام الداخلي وأن يشكل نقطة جذب للإرهاب”.
تهديد باستهداف القوات الأميركية في حال بقائها..
كما هددت “كتائب حزب الله” العراقية، في أكثر من مرة، باستهداف القوات الأميركية، واعتبرتها قوات احتلال، قائلة: “نحن جادون في عملية إخراج الأميركيين بقوة السلاح لأنهم لا يفهمون إلا هذه اللغة”.
وكانت القوات الأميركية قد غادرت العراق في كانون أول/ديسمبر 2011، بعد قرار من البرلمان، في حين لم تكن القوات العراقية جاهزة، وبعد ثلاث سنوات سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على ثلث أراضي البلاد.
وبإسناد من تحالف دولي، تقوده الولايات المتحدة، تمكنت القوات العراقية من طرد تنظيم الدولة الإسلامية من جميع المدن العراقية مع نهاية عام 2017.
وضم التحالف، عندما شكلته الولايات المتحدة في 2014، في عضويته 50 دولة. وبات اليوم يضم 74 دولة إضافة إلى منظمات دولية على غرار “الإنتربول” و”الحلف الأطلسي”.
وأعلن العراق، في كانون أول/ديسمبر 2017، “إنتهاء الحرب” ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بعد ثلاث سنوات من المعارك الدامية، لكن بقايا من التنظيم المتطرف تشن من حين إلى آخر هجمات انتحارية في مناطق متفرقة من العراق.
وكانت واشنطن قد أعلنت، في نهاية تشرين ثان/نوفمبر 2017، سحب 400 من عناصر مشاة البحرية، “مارينز”، من سوريا من الألفي جندي الذين تنشرهم في هذا البلد، وتنشر في العراق 5 آلاف عسكري.
ويقول محللون ومسؤولون عراقيون وغربيون، إن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية لا تعني نهاية خطر الإرهاب في العراق.
وأبقت الولايات المتحدة على عدد من قواعدها في العراق، منذ عام 2011، غير أن عدد المستشارين بدأ يتضاعف منذ 2014، وفي نيسان/إبريل 2017 بلغ عدد القواعد الأميركية في العراق 9 قواعد؛ تتوزع على:
– قاعدة “النصر”؛ وتقع داخل حدود مطار بغداد الدولي.
– قاعدة “بلد” الجوية؛ تقع شمال العاصمة بغداد.
– قاعدة “عين الأسد”؛ تقع في ناحية بغداد، في محافظة الأنبار.
– قاعدة “التاجي”؛ تقع على بعد 25 كلم شمال بغداد.
– قاعدة “الحبانية” أو “التقدم”؛ وتقع بين مدينتي الفلوجة والرمادي.
– قاعدة “القيارة” الجوية؛ تقع في محافظة نينوى.
– قاعدة “كركوك” أو “رينج”.
– قاعدة “أربيل”؛ أنشأت مؤخراً بتسهيل من إقليم كردستان بهدف “مواجهة داعش”.