“قد تكون هذه حوادث فردية من قبل الذين فقدوا أبناءهم في فترة داعش”، هكذا صرح وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية جاسم العطية في محاولة للتقليل من مخاوف المنظمات الدولية بشأن تداعيات قرار إعادة النازحين إلى مناطقهم، بشكل عاجل، في إطار سعي السلطات لإغلاق المخيمات.
وفي الأيام القليلة الماضية، وبعد قرار السلطات العراقية إعادة النازحين من نينوى إلى مناطقهم في كركوك وصلاح الدين والأنبار، استُهدف النازحون في الشرقاط بالقنابل الصوتية أكثر من مرة، بالرغم أن أغلب الساكنين في المخيمات هم من النساء والأطفال، فتم نقلهم ليلا إلى مخيم الشهامة شمال تكريت لكن كان هناك رفض شعبي وصل إلى وقفات احتجاجية بالقرب من المخيم الذي يضم أيضا عوائل الدواعش.
ففي أوائل يوليو، أصدر “مجلس الأمن الوطني”، الذي ينسق استراتيجية الأمن القومي والاستخبارات والسياسة الخارجية في العراق، القرار 16. لم يُنشر القرار علنا، ولكن وصف مسؤولون محتوياته في رسائل إلى المنظمات الإنسانية. يأمر القرار بمغادرة مَن هم مِن خارج نينوى، وتعدادهم على الأقل 38 ألف شخص، بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
وقالت المنظمة اإن السلطات المحلية طردت قسرا، منذ 23 أغسطس 2019، أكثر من ألفي عراقي من مخيمات النازحين في محافظة نينوى.
وقال العطية لـ”موقع الحرة”: “نحن كحكومة نسعى إلى إغلاق المخيمات، فاستمرارها لا يولد إلا الأفكار الإرهابية في المستقبل، حاليا يوجد حوالي 400 ألف نازح تقريبا، وخطتنا إنهاء أزمة النازحين في العام المقبل وحل مشاكلهم”.
كما طردت قوات الأمن 671 شخصا على الأقل من مخيمات نينوى إلى مخيم في صلاح الدين في 31 أغسطس.
وفي 2 سبتمبر، طردت السلطات 481 شخصا آخرين من مخيمات نينوى إلى صلاح الدين، بعد تركهم ينتظرون الحافلات زهاء خمس ساعات بلا حمّام أو طعام، بحسب “هيومن رايتس ووتش”.
لكن جاسم يقول لـ”موقع الحرة إن “أعداد الباصات أكبر من أعداد الناس ولا توجد لدينا مشكلة، لكن أحيانا ينتظرون بالساعتين والثلاثة أمام المخيم للتدقيق الأمني قبل دخول المخيمات حتى لا يندس بينهم عنصر داعشي، هذه إجراءات أمنية، في النهاية هم ليسوا في نزهة”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن البعض تم إجباره على العودة إلى مناطقهم الأصلية رغم المخاوف حيال سلامتهم، بما فيها التهديد من جيرانهم السابقين الذين يعتقدون أن لهم علاقة بتنظيم داعش، مشيرة إلى أن بعضهم هوجم بالفعل منذ إجبارهم على العودة إلى ديارهم.
في المقابل يقول العطية “لا توجد عائلة الآن ممنوعة من دخول المخيمات أو ملقاة في الشارع، تم نقل عدد من النازحين من المخيمات إلى المخيمات في محافظاتهم التي كانوا يسكنون فيها، كإجراء أولي وتدقيق أمني ومن يريد العودة طواعية نتركه يعود إلى دياره”.
لكن النائبة نورة البجاري أكدت من جهتها في تصريح لـ”راديو سوا” أن الأيام القليلة الماضية شهدت عودة قسرية لبعض عوائل النازحين لمناطقهم، رغم أنها مدمرة والخدمات (فيها) قليلة، وبدون تأهيل لدورهم أو حتى بدون تعويض لهم لتأهيل دورهم”، رافضة تحديد أي سقف زمني للعودة، و”عدم تسريع الأمر”.
وأعربت منظمة الأمم المتحدة، الإثنين، عن قلقها بشأن قرار اعادة النازحين إلى مناطقهم بشكل عاجل، وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق مارتا رويداس، إن الجهد الحكومي يفتقد إلى التنظيم والتواصل مع المجتمعات المتضررة والشركاء في المجال الإنساني.
لكن المتحدث باسم الوزارة علي عباس برر، عملية تسريع نقل النازحين “لأننا مقبلون على سنة دراسية وحريصون على إلحاق الطلاب بفصولهم من بداية العام الدراسي”، مشيرا إلى أن عملية إعادة النازحين تمت بالتنسيق مع قيادات عمليات محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وكركوك والمسؤولين المحليين.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في “هيومن رايتس ووتش” لما فقيه: “خلال الأسبوعين الأخيرين، نقلت الحكومة فعليا أشخاصا إلى أماكن يُستهدفون فيها بقنابل يدوية ويُهددون بالقتل. قبل أن يستقل الناس الحافلات الحكومية لنقلهم خارج المخيمات، ينبغي للسلطات توضيح وجهة الحافلات كي تتمكن العائلات من اتخاذ قرار مستنير بشأن سلامتها”.
وطالبت المنظمة السلطات العراقية بضمان إخطار النازحين قبل سبعة أيام على الأقل من عمليات إجلائهم وعرض مجموعة من الخيارات التفصيلية لمساعدتهم في الانتقال بأمان.
المصدر: وكالات