تحت المجهر
بقلم: موفق الخطاب
الدبلوماسية والعمل الدبلوماسي مدرسة واحتراف وممارسة وتدرج وظيفي وتراكم خبرة وتقاليد ولياقة ولباقة وثقافة عالية وبنك معلومات قانونية وتاريخية وادبية واجتماعية وإتقان لعدة لغات حية تتوج جميعها بخلق عال رفيع تنعكس ايجابا على شخصية الدبلوماسي وتمثيله لبلده .
التفصيل في هذا الجانب يطول كثيرا لكن دعونا نعرّج بكم اليوم سادتي لنسبر غور الخرق الدبلوماسي الذي وقع في مملكة البحرين والذي كان الشغل الشاغل لوسائل التواصل الاجتماعي الاسبوع الماضي .
حيث كشفت وسائل الإعلام في مملكة البحرين عن استدعاءها للقائم بأعمال السفارة العراقية من قبل وزارة الخارجية وتسليمه خطابا شديد اللهجة تمثل إمتعاض القيادة البحرينية عن تدخله السافر في الشأن الداخلي البحريني وتصرفه خارج نطاق عمله الدبلوماسي!
وكانت ردة الفعل من قبل الجانب العراقي مسؤولة فتم التواصل مع معالي وزير الخارجية الدكتور عبد اللطيف الزياني على الفور وسحب القائم بالأعمال وإعادته الى بغداد بعد أن كاد أن يعكر صفو العلاقات بين البلدين الشقيقين.
هذا هو الظاهر من هذه الازمة الدبلوماسية التي تم احتوائها، اما الغاطس منها فلا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم .
فقد كثرت فيها التأويلات والأقاويل ، وحتى ما قد تم نشره من قبل القائم بالأعمال السيد (مؤيد عمر عبد الرحمن) على حسابه الشخصي من تبرير ركيك لتصرفه فهو مداراة لماء وجهه وهو بعيدا كل البعد عن ما وقع منه من تصرف اخرق لا يليق بأي دبلوماسي .
وقد كانت ردة فعل من الجانب البحريني في غاية الاحتراف واللياقة الدبلوماسية بأن اكتفت بتسليمه رسالة احتجاج قدّرها وتفهمها الجانب العراقي كثيرا وإعادة القائم بالأعمال لمقر الوزارة في بغداد دون تشكيل اي لجنة تحقيقية او زيارة ميدانية لمعرفة ما وقع منه متيقنة من دقة الرواية من الجانب البحريني المشهود لهم برقي تعاملهم الدبلوماسي .
دعونا سادتي الان نسلط الضوء ونضع تحت المجهر الخفايا و الاسباب المؤدية الى انتكاس العمل الدبلوماسي في العراق ما بعد الاحتلال :
فكما يعلم الجميع أن أمريكا سعت منذ احتلالها للعراق بتدمير جميع مؤسساته المدنية وتصفية وعزل وتهجير جميع كفاءآته وسلمت مقدراته لمجموعة أحزاب دينية وجهلة لايفقهون من ادارة الدولة ولا العلاقات الدولية شيئا .
وأسست لنظام المحاصصة المقيت والذي مازال معمولا به منذ عقدين من الزمان ومن ضمن ما اخترقته ومزقته تلك المحاصصة المقيتة هو وزارة الخارجية حالها كحال جميع مفاصل الدولة العراقية إن كان هنالك مفهوما و وجودا للدولة حقا .
إن أسوأ فترة ترسخت فيه المحاصصة والطائفية المقيتة كانت في عصر سيء الصيت( المالكي) وهو مؤسس الطائفية في العراق بلا منازع و وزير الخارجية المتفيقه ( ابراهيم الجعفري) حيث تم الاجهاز على ما تبقى من الخبرات في الوزارة وتسمية سفراء على ضوء المحاصصة وإرضاءً للاحزاب وتمثيلا للمليشيات فبعضهم تبين انه لا يحمل اي شهادة تؤهله لمنصبه وآخر يحمل شهادة مزورة وثالث كان معارضا وهاربا او مطاردا لاجرامه وعمالته وفساده او هو خريج سجون ليقفز الى الواجهة كناشط وسجين سياسي!!
ولقد شاهدنا حجم المآسي التي يندى لها الجبين والتي اقترفها سفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي العراقي وافراد عوائلهم في اكثر من واقعة و دولة!
فما زلنا نتذكر عنترية سفير العراق في بقاع لبنان ( حيدر البراك) عندما شوهد وهو يتجول فيها حاملا على كتفه صاروخ ال (ار بي جي) ليبث الرعب في سكان البقاع!!
ولا يغيب عن ذاكرتنا الحفل الفني والرومانسية بين حرم السفير العراقي في العاصمة الأردنية عمّان (حيدر العذاري)، وصورها المخجلة مع الفنان راغب علامة والتي احرجت في حينها أيضا الخارجية العراقية!!
وذلك السفير السوقي الذي يستقبل ضيوفه بملابس النوم والذي تبين فيما بعد ان مهنته الاصلية كانت (بنجرجي) مصلح عجلات المركبات !!
والآخر عندما سمح لأولاده بالعمل كوسطاء في تهريب السكاير في سويسرا !
وفضيحة اعتداء نجل السفير على مواطن في البرتغال !
ولا ننسى الدعوجي (حامد البياتي) ممثل العراق لدى الأمم المتحدة السابق والذي فضحته إحدى المحطات وهو يتاجر بأموال السحت الحرام لصالح سراق العراق بالعقارات والقائمة تطول من سقطاتهم!!
وما يثير الاستغراب حقا أن من تقع منهم تلك الفضائح والمخالفات لا تتم محاسبتهم وعزلهم ومقاضاتهم لإضرارهم بسمعة العراق الدولية بل على العكس من ذلك يتم ترقيتهم وظيفيا أو تسميتهم كسفراء في مواقع جديدة!
وكأنهم يمعنون عمدا بالأضرار بسمعة العراق !
ولا نغفل اخيرا عن الفضيحة المجلجلة بمنح الاف الجوازات الدبلوماسية للعديد من النكرات ولا أريد أن انحدر لمستواهم لكشف مستواهم ومواقعهم فالجميع يعرف دونيتهم، فهمهم الأوحد هو اشباع غرائزهم الحيوانية.
انه لأمر مؤسف حقا أن تنحدر الدبلوماسية العراقية الى هذا المستوى المخجل بعد أن كانت مدرسة يشار اليها بالبنان ايام الدكتور سعدون حمادي والمشاط وعصمت كتاني ونزار حمدون وطارق عزيز والقائمة تطول من قامات الدبلوماسية العراقية رحمهم الله فشتان ما بين الثرى والثريا..