نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية مقالاً للكاتب والمحلل الإستراتيجي الإسرائيلي، “يوئيل غوزنسكي”، تناول فيه المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد المملكة العربية السعودية واحتياج المملكة الدائم للدعم العسكري، لاسيما من باكستان, التي أعلنت مؤخراً أنها سترسل مزيداً من القوات للسعودية.
ويرى الكاتب أن تلك الخطوة ربما تكون مرتبطة بالتهديد الإيراني للرياض أو أنها تهدف بشكل عام لمواجهة المخاطر الداخلية المحتملة التي تهدد استقرار النظام السعودي.
إرسال مزيد من القوات الباكستانية للسعودية..
يقول “غوزنسكي” إن الجيش الباكستاني أعلن، الشهر الماضي، عن إعتزامه إرسال قوة بحجم لواء عسكري للسعودية للإنضمام إلى القوات الباكستانية المتواجدة بشكل دائم في المملكة، والتي تتركز مهمتها الرسمية على التدريب وتقديم المشورة.
ومن المعلوم أن السعودية تستعين، منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، بقوات عسكرية باكستانية في أوقات الأزمات, وهي على ما يبدو تفعل ذلك ثانية الآن.
وإن إظهار ذلك الإلتزام من جانب باكستان لضمان أمن واستقرار المملكة السعودية يُنهي على ما يبدو مرحلة من الفتور، شهدتها العلاقات بين الدولتين بعدما رفضت باكستان بدعم من البرلمان إرسال قوات عسكرية للمشاركة في حرب اليمن, وبعدما ظلت باكستان محايدة تجاه الصراع بين السعودية وقطر.
تحالف تاريخي..
إن باكستان – التي تمتلك أكبر جيش إسلامي؛ وهي الوحيدة التي لديها أسلحة نووية – كانت تبدي إستعدادها لتقديم المساعدات الأمنية العسكرية للسعودية. ونذكر في هذا الشأن المساعدت التي قدمتها “إسلام آباد” لإنهاء الإستيلاء على المسجد الحرام في مكة عام 1979, وأنها أبقت قوات عسكرية تابعة لها داخل المملكة, بطلب من الملك “فهد” طوال سنوات الحرب الإيرانية العراقية. وتم وضع جزء من القوات الباكستانية في منطقة “تبوك” بالقرب من الحدود مع إسرائيل, لكن أغلب القوات تمركزت في المنطقة الشرقية، التي بها معظم حقول النفط السعودي, وبها الأقلية الشيعية المعروفة بولائها لإيران.
كما يقوم الجيشان السعودي والباكستاني بالتدريبات والمناورات بشكل مستمر، كما شاركت الدولتان في دعم حرب المجاهدين الأفغان ضد الاحتلال السوفياتي. وتقول التقديرات إن قوات الأمن في السعودية؛ وكذلك في الدول الخليجية الأخرى، تضم الكثير من المرتزقة الباكستانيين الذين يقومون بمهام قتالية متعددة.
باكستان والدور المحدد في التحالف الإسلامي..
يضيف الكاتب الإسرائيلي أن باكستان قد انضمت هي الأخرى رسمياً إلى “التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب”، الذي يتخذ من الرياض مقراً لقيادته, والذي دعا إلى تشكيله ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”.
لكن باكستان أوضحت مؤخراً أنها لن تشارك بشكل فعال في تلك الحرب وإنما ستقتصر على تقديم المشورة العسكرية والاستخباراتية والدعم اللوجيستي لدول التحالف. وتم تكليف رئيس الأركان الباكستاني السابق، الجنرال “رحيل شريف”، بقيادة قوات التحالف الإسلامي. التي يمكن أن نستشف هدفها من إستبعاد إيران والعراق وسوريا من المشاركة فيها.
مصالح مشتركة..
بصرف النظر عن الناحية الأمنية, فإن السعودية؛ التي تضم المقدسات الإسلامية، تتمتع بنفوذ ديني كبير في باكستان. ولقد تمكن السعوديون عبر السنين الماضية من تعزيز نفوذهم عبر تقديم المساعدات المالية الكبيرة للمساجد والمعاهد الدينية في باكستان, التي تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث تعداد السكان المسلمين. كما أن المصالح الاقتصادية تربط بين الدولتين, حيث تُعتبر السعودية أهم مزود للنفط لـ “إسلام آباد”، وهي مصدر مهم للعائدات المالية بفضل المبالغ التي يحولها العمال الباكستانيون في المملكة، الذين يبلغ تعدادهم قرابة مليون ونصف المليون عامل.
يرى الكاتب العبري أن تطوير البرنامج النووي الباكستاني كان سبباً رئيساً في تعزيز العلاقات بين “الرياض” و”إسلام آباد”, حيث قدمت السعودية مساعدات مالية لباكستان لصنع “القنبلة النووية الإسلامية”. ولقد فرض المجتمع الدولي عقوبات على باكستان في أعقاب تجاربها النووية, لكن السعودية هي التي هبت لمساعدتها في تلك المرة أيضاً؛ لكي تتغلب على العقوبات من خلال تزويدها المستمر بالبترول ومشتقاته. إن الدعم السعودي الكبير للبرنامج النووي الباكستاني هو ما يدفع المحللين للقول بأنه إذا طلبت السعودية الإستعانة بالقدرات النووية الباكستانية فإن “إسلام آباد” ستسجيب.
المثلث «الإيراني – الباكستاني – السعودي»..
بحسب “غوزنسكي”: يرى السعوديون أن باكستان, التي ترتبط بإيران من خلال حدود مترامية، تمثل ركيزة مهمة للحد من النفوذ الإيراني.
ولكن باكستان تريد الحفاظ على علاقات طبيعية مع إيران. حيث تخشى “إسلام آباد” من من زيادة التوتر الطائفي في باكستان, التي تضم أكبر طائفة شيعية خارج إيران وخاضعة لنفوذ نظام طهران. والدليل الذي يؤكد ذلك هو أن إيران استطاعت تجنيد كثير من الشيعة الباكستانيين لخدمة أهدافها ومصالحها في سوريا.
البُعد الإستراتيجي..
ترى السعودية أنه إذا سارعت طهران لإمتلاك السلاح النووي, فإن باكستان ستهب لمساعدتها بشكل أو بآخر. لكن إذا تبين أن باكستان أرسلت أسلحة/ أو تكنولوجيا نووية للسعودية فإنها ستتعرض للتنديد الشديد من جانب الولايات المتحدة والمجتع الدولي وستتعرض أيضاً لعقوبات شديدة.
وإلى جانب تعرض باكستان لأزمة سياسية واقتصادية شديدة, فإن إيران ستتحول فجأة إلى عدو لدود. وهناك احتمال كبير أن يتزعزع النظام السعودي – الذي يواجه تحديات داخلية شديدة – بسبب تزايد الضغوط الداخلية وليس بسبب تدخل خارجي إيراني مباشر. أما الخطر المُحدق من جانب إيران النووية فيتمثل في استخدام قوة الإبتزاز النووي لزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة بوجه عام وبين الأقلية الشيعة في السعودية وباكستان بوجه خاص.