الراقصون على الجراح
بقلم: ثامر الحجامي
لاشك ان التفجير الإرهابي الذي حدث في ساحة الطيران وسط بغداد يمثل صدمة لدى الكثيرين، بعد إنحسار هذه العمليات منذ ثلاث سنوات، لكن الحقيقة أن القوات الأمنية تعيش هذا الهاجس كل يوم، والأدلة التي تؤكد وجود مضافات وخلايا نائمة في أطراف بغداد وربما في محافظات أخرى، كان نتيجتها هذا الحادث الذي ربما لن يكون الأخير!
الملفت للنظر هي ردات الفعل التي أعقبت هذا العمل الأرهابي، المشابه في شخوصه وإسلوبه لكثير من الحوادث الأرهابية، التي شهدتها الساحة العراقية لسنين طوال.
فشعبيا؛ شاهدنا كثيرا ممن ذهب الى تحميل القوات الأمنية والحكومة والأحزاب السياسية جميعا، ما حصل في ساحة الطيران وهي ردات فعل متوقعة، بسبب الهوة الشاسعة بين السلطة وبين غالبية الشعب العراقي، وثمثل مقدار السخط الجماهيري على جميع المنظومة السياسية، التي هي بحاجة الى جهد كبير لإستعادة ثقة الجمهور، خصوصا مع تحديد موعد جديد للإنتخابات.
بعض الاعلاميين والمدونين بل وحتى سياسيين، حاول أن يستغل هذا الحدثبإبشع صورة لتحقيق مآربه ونفث سمومه وترويج أفكاره البعيدة عن الواقع، فأحدهم حاول تبرئة داعش من هذا الفعل الشنيع،وكأنها غير موجودة على أرض الواقع، وكأن أجسادهم العفنة لم تتفجر سابقا، متمهما مليشات وفصائل شيعية بهذا الفعل!، يقابله آخر بإتهام جميع سنة العرق، وأنه يجب نفيهم من هذا الوطن!
ردة فعل الحكومة هي مشابهة لما حصل من إنفعالات شعبية، فإتخذت إجراءات سريعة بتغيير أغلب القيادات الأمنية في وزارة الداخلية ومحافظة بغداد، وإعادة قيادات عليها علامات إستفهام كثيرة، دون الإنتهاء من نتائج التحقيق ومعرفة المقصر، وكأن الأمر كان مبيتا سابقا، ولا ندري من أين ستأتي بآخرين إذا ما تكرر الحادث؟ فما حدث لن يكون الأخير.
الواقع يقول: أن عدونا مازال يعيش بيننا، وأن تم القضاء على عصابات داعش كتنظيم على الارض، لكن الفكر الإرهابي لا يمكن القضاء عليه خلال سنة أو سنتين، ودول كثيرة في العالم تعاني منه وتشهد حوادث إرهابية على أرضها، فما بالك في العراق؟
لذلك بدلا من ردات الفعل الإنفعالية، ورمي التهم على هذا أو ذاك، لابد من عمل على أرض الواقع، وأن تتوفر فلاتر لتنظيف القاذورات، وجهد أمني كبير يقضي على حواضن الإرهاب، وهي معروفة ومشخصة لدى القوات الامنية، لكن إرادات سياسية تمنع التعامل معها.
يقينا ما حدث في وسط بغداد هو حادث مؤلم، بعد حجم التضحيات التي قدمها العراقيون في محاربة الارهاب، لكن الأصعب من المصيبة هو محاولة إستغلالها لأغراض شخصية وحزبية وسياسية.