أرسلت الولايات المتحدة سفينة هجومية برمائية وبطاريات صواريخ “باتريوت” إلى الشرق الأوسط لتعزيز قدرات حاملة طائرات وقاذفات من طراز “بي- 52” أُرسلت سابقا إلى منطقة الخليج، ما يفاقم الضغوط على إيران.
ويربك الانتشار الأميركي النظام الإيراني، حيث ينذر بأن التهديدات الأميركية تخطت مرحلة التخويف إلى مرحلة المواجهة العسكرية أمام إصرار إيران على تقويض استقرار وأمن المنطقة. وردا على التهديدات المفترضة من إيران تم إرسال حاملة الطائرات ووحدة قاذفات “بي- 52” إلى الخليج، حيث أكدت واشنطن تلقيها تقارير استخباراتية تشير إلى أن إيران تخطط لتنفيذ هجوم من نوع ما في المنطقة.
وحسب مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للأمن القومي جون بولتون فإن الهدف من عملية نشر القوات توجيه تحذير ”واضح ولا لبس فيه” لإيران من أي هجوم يستهدف الولايات المتحدة أو أي من حلفائها في المنطقة.
إيران ووكلاؤها قد يردون باستهداف السفن التجارية، بما يشمل ناقلات النفط، أو السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب
ولا يستبعد مراقبون أن تتطور مرحلة التصعيد إلى مرحلة المواجهة العسكرية. وأوضح موقع “ستراتفور” الأميركي أن فرص نشوب صراع عسكري بين إيران وأميركا ارتفعت، ومن المرجح أن تنظر واشنطن على نحو متزايد إلى أي نشاط للقوات المسلحة المدعومة من قبل إيران ضد أميركا أو حلفائها بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا كمبرر لتوجيه ضربة عسكرية أميركية محدودة محتملة ضد طهران وحلفائها.
وحذرت الإدارة الأميركية للملاحة البحرية من أن إيران قد تستهدف سفنا تجارية أميركية، بما يشمل ناقلات النفط، أثناء إبحارها عبر الممرات المائية في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي قال فيه رجل دين إيراني بارز إن أسطولا أميركيا يمكن “تدميره بصاروخ واحد”.
وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء نقلا عن رجل دين إيراني كبير في خطبة الجمعة أن الأسطول البحري الأميركي “يمكن تدميره بصاروخ واحد” وذلك تعليقا على توجه حاملة طائرات أميركية إلى الخليج. وقالت الوكالة نقلا عن رجل الدين آية الله يوسف طبطبائي نجاد من مدينة أصفهان في وسط البلاد “أسطولهم ذو المليار (دولار) يمكن تدميره بصاروخ واحد”.
وفي أحدث تراشق بين طهران وواشنطن، قال الحرس الثوري الإيراني إن طهران لن تتفاوض مع الولايات المتحدة واستبعد وقوع أي هجوم أميركي، وذلك بعد يوم من حث الرئيس دونالد ترامب على إجراء محادثات وتصريحه بأنه لا يستطيع استبعاد مواجهة عسكرية.
وتزامن ارتفاع منسوب التوتر مع إعلان طهران الأربعاء أنها توقفت عن الالتزام بالقيود المفروضة على أنشطتها النووية المتفق عليها في اتفاق العام 2015 الذي أبرمته مع الدول الكبرى. وقدم ترامب العرض في الوقت الذي زاد فيه الضغوط الاقتصادية والعسكرية على إيران حيث عمل هذا الشهر على وقف كل صادرات النفط الإيرانية بينما عزز وجود القوات البحرية والجوية الأميركية في الخليج.
وانتقدت إيران الانتشار الأميركي الجديد الذي قالت إدارة ترامب إنه يأتي بعد أن أشارت معلومات للمخابرات الأميركية إلى استعدادات إيرانية محتملة لمهاجمة القوات أو المصالح الأميركية. وصرح مسؤول أميركي لرويترز الجمعة بأن وزير الدفاع الأميركي بالإنابة باتريك شاناهان وافق على نشر صواريخ باتريوت إضافية في الشرق الأوسط، في أحدث رد من جانب الولايات المتحدة على ما تراه تهديدا متناميا من قبل إيران. وبيّنت القيادة المركزية الأميركية أن حاملة الطائرات أبراهام لنكولن، التي أرسلتها إدارة ترامب إلى الشرق الأوسط تعد تحذيرا لإيران، عبرت قناة السويس الخميس، كما وصلت قاذفات أميركية من الطراز بي- 52 إلى قاعدة أميركية في قطر.
وحذر موقع ستراتفور بأن التحركات الإيرانية قد لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي من شأنها أن تدفع سواء الاتحاد الأوروبي لفرض العقوبات مجددا وعلى الفور، أو الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية محدودة على المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، قد تصبح هذه الخطوات الأوروبية والأميركية حقيقة بعد ستين يوما من الآن، في حال نفّذت إيران تهديداتها بشأن تخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل.
وفي مذكرة نشرت الخميس أوضحت الإدارة الأميركية للملاحة البحرية أن احتمالات اتخاذ إيران أو وكلائها في المنطقة إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة وشركائها تزايدت منذ بداية مايو الجاري. وأضافت أن تلك المصالح تشمل البنية التحتية لإنتاج النفط بعد أن هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه نحو ثلث الخام المنقول بحرا في العالم. وقالت إدارة الملاحة البحرية “إيران ووكلاؤها قد يردون باستهداف السفن التجارية، بما يشمل ناقلات النفط، أو السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب أو الخليج”. وأضافت “التقارير تشير إلى استعداد إيراني متزايد لتنفيذ عمليات هجومية ضد القوات والمصالح الأميركية”.
وتمر الملايين من براميل النفط يوميا عبر تلك الممرات البحرية من الدول المنتجة في الشرق الأوسط إلى الأسواق العالمية. وتزايد التوتر بين طهران وواشنطن منذ أن قررت إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني قبل عام وبدأت في إعادة فرض عقوبات صارمة على الجمهورية الإسلامية.
ويرجح تقرير ستراتفور أن يكون رد فعل واشنطن على تهديدات طهران على ثلاثة أصعدة: أولا، ستواصل توسيع رقعة قوتها العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة حلفاء إيران الإقليميين. ثانيا، ستزيد واشنطن العقوبات الاقتصادية على إيران وحلفائها الإقليميين، فضلا عن تكثيف تطبيق العقوبات الحالية. وقد تحاول تأخير تطوير البرنامج النووي الإيراني باستخدام النشاط السيبراني.
وقال نائب الأميرال جيم مالوي، قائد الأسطول الأميركي الخامس المتمركز في البحرين إن القوات الأميركية رفعت حالة الاستعداد على الرغم من أن جيش بلاده لا يسعى إلى خوض حرب مع إيران ولا يعد لذلك. وأشارت الإدارة الأميركية للملاحة البحرية إلى أنها تحث السفن التي ترفع العلم الأميركي على التواصل مع الأسطول الخامس، الذي يتولى حماية السفن التجارية في المنطقة، قبل يومين على الأقل من الإبحار عبر مضيق هرمز.
وشددت واشنطن العقوبات المفروضة على إيران هذا الشهر إذ ألغت الإعفاءات التي كانت تسمح بموجبها لبعض الدول بشراء نفطها بهدف وقف صادرات الخام الإيراني بالكامل. وردت إيران بتخفيف القيود عن برنامجها النووي في ما يتعلق بمخزونات بعض المواد لكنها ملتزمة بالحدود المنصوص عليها في الاتفاق النووي بالحد من أنشطة تخصيب اليورانيوم. وسط تصاعد حدة الخطاب بين الجانبين.