يحتفل العراقيون جميعا بالذكرى السابعة والتسعين لتأسيس جيشنا المقدام ، الجيش العراقي الباسل ، صاحب المآثر والبطولات الكبيرة والجليلة في ساحات الوغى ، من خلال بطولات الجيش العراقي التي اعادت الذاكرة الجملية والمشرقة لهذا السور الصلب الذي ظل عالقا بأذهان العراقيين من خلال السمعة الطيبة التي تميز بها هذا الجيش عن بقية الجيوش العربية وغير العربية والمعروف تاريخياً أنه تأسس قبل تأسيس الدولة العراقية، بل كان الجيش الوحيد في العالم الذي يمتلك دولة، ولا تتملكه دولته، فكان كل ضباطه عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة من بقايا الجيش التركي من العراقيين الاصلاء حسباً ونسباً وولاء.
لم يكن قرار الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر سيئ الصيت بحل الجيش العراقي السابق عفوياً وانما جاء بإرادة ” صهيو امريكية ” ذات شرعية عراقية على يد ساسة القرن الحادي والعشرين ممن يتبجحون بعراقيتهم ذات الجنسية المزدوجة والمتعطشين للجاه والسلطة وملء الفراغ وقيادة بلد اصيل وجيش عريق استطاع ان يسحق خامس اكبر جيش في العالم من حيث العدة والعدد.
لقد شرعت الإرادة الغربية المتصهينة بإعادة بناء الجيش العراقي بعد عام 2003 وفق مصالحها وخططها المستقبلية، فمن غير المعقول ان تبني القوى الغربية جيشا قويا وعقائديا مؤمنا بان لديه مهمة عظيمة وجليلة مستقبلية مؤجلة تحتم عليه ان يكون على رأس الجيوش العربية لاستعادة حق اسمه فلسطين الذي اغتصبه واستولى عليه من يشرفون اليوم على إعادة بناء الجيش العراقي وتسليحه وتجهيزه بتكنولوجيا عسكرية متطورة ،
لقد تجاوز الجيش العراقي الانتكاسة التي اصابته عندما اراد له شذاذ الافاق ان لا يصمد لساعات امام بضع مئات في مواجهة تنظيم داعش ويتقهقر قادته لجبنهم ولخيانتهم ولعمالتهم التي جعلتهم يتركون ابناءنا من الجنود فريسة وطعماً لأنياب الصحراء ، لو لم يكن القائمون على إعادة بنائه يريدونه ان يكون هَرِماً كسيحاً ممزقا امام أي مواجهة او صدام.
كنا نسمع ونفهم ان للعسكرية تعريفا ومفهوما، وهو :” ان العسكرية كيان ضعيف يستمد قوته من الضبط والتدريب ” ولكننا وللأسف الشديد نجد هذا المفهوم قد تغيير لسبب بسيط ، هو ان جيش ما بعد الاحتلال أنشئ على أساس الولاء للحزب والطائفة وليس على أساس الولاء للعراق، بدليل ان أي فئة او تنظيم عسكري او مليشياوي لم تستطع الحكومة الوقوف امامه او السيطرة عليه ، سمحت له ان ينخرط بين صفوف جيشه ، مرتديا بزته ومتقلدا رتبه وحاملا سلاحه بشكل قانوني ودستوري، بعدما كان قادة الجيش السابق تبيض عيونهم من شدة التدريب العسكري الشاق والمهني ، كي يستحقوا ان يحملوا على اكتافهم الرتب العسكرية التي أصبحت اليوم تحمل بمختلف المراتب على اكتاف شخصيات لم نسمع عنها ولا عن تاريخها العسكري ، سوى انها جاءت من العدم الى القمم فأصبحوا قادة ” دمج” وامرين ، يضعون الرتب والنياشين على اكتافهم وصدورهم زورا وبهتانا ويتحكمون بجيش تبين بمرور الوقت انه جيش الفضائيين، مع جل احترامنا لأولئك النشامى والغياري الموجودين في هذا الجيش ، الذين حملوا اسم الوطن في قلوبهم وبين حدقات عيونهم وقدموا الغالي والنفيس من اجل الدفاع عن هذا البلد المسلوب الإرادة ، رغم علمهم بحقيقة من يدعون انهم قادة جيشهم الجديد .
ونحن نخط في أوراق ذاكرتنا هذه الذكرى العطرة، نعتصر الما وحسرة على جيش يشرف على تدريبه الغربيون ويقدم له المشورة الايرانيون.
ايها الجيش العظيم … نريد ان تبقى حناجر طلاب مدارسنا تصدح في ساحات رفع العلم بعبارة ( الجيش سور للوطن ) لا كما يريد لها الاعداء ان تتغير الى عبارة ( الجيش رصاصا في صدر الوطن) …