أجرى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان، مباحثات ثنائية، الأربعاء في القصر الرئاسي في العاصمة التركية أنقرة، في وقت أعلن فيه المبعوث الأممي للسودان، فولكر بيرتس، استقالته من منصبه.
وقالت الحكومة السودانية إن الاجتماع بين البرهان واردوغان «ناقش مسار العلاقات الثنائية ودفع آفاق التعاون المشترك بين السودان وتركيا».
وتطرق الجانبان إلى «أهمية تقوية علاقات التعاون بما يخدم مصالح الشعبين السوداني والتركي».
ورافق البرهان في الزيارة وزير الخارجية المكلف علي الصادق ومدير جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم، بالإضافة إلى مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية، ميرغني إدريس سليمان.
وتعد هذه المحطة الخارجية الخامسة للبرهان منذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي، حيث زار كلا من مصر وجنوب السودان وقطر وإريتريا.
وفي مايو/ أيار الماضي، أبدى اردوغان خلال اتصال هاتفي مع البرهان استعداد بلاده لاستضافة مباحثات لإنهاء الحرب في السودان.
وبالتزامن، أعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان رئيس بعثة «يونيتامس» فولكر بيرتس، استقالته من منصبه بعد عامين ونصف من تكليفه.
تعزيز الضغوط
ومنذ اندلاع الحرب في البلاد، منتصف أبريل/ نيسان الماضي، طالبت الحكومة السودانية، عدة مرات بتنحي بيرتس، مؤكدة أنه «غير مرحب به في البلاد» واتهمته بـ «تجاوز» مهام بعثته و«عدم الحياد».
وقال بيرتس خلال مخاطبته أمس الأربعاء جلسة مجلس الأمن الخاصة في السودان وجنوب السودان، إنه يقدم إحاطته الأخيرة كممثل للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، داعيا المجتمع الدولي إلى تعزيز الضغوط على القيادة العسكرية لإنهاء الحرب والدفع من أجل الحكم المدني الديمقراطي في البلاد.
وأشار إلى أن الحرب التي تمضي نحو شهرها السادس في السودان، أودت بحياة أكثر من 5 آلاف شخص على الأقل وتسببت بإصابة أكثر من 12 ألفا آخرين.
وأشار إلى أن القتال لا يزال مستمرا في السودان دون انحسار أو تحقيق أحد الأطراف نصرا حاسما، مشيرا إلى أن الجيش يواصل محاولاته المتعددة لإخراج الدعم السريع من المرافق المدنية.
بحث معه «مسار العلاقات الثنائية ودفع آفاق التعاون المشترك»
ولفت إلى «تدهور الأوضاع الإنسانية بشدة في دارفور، بينما أظهرت الأطراف المتصارعة إهمالا شديدا لحقوق الانسان والقانون الإنساني الدولي» محذرا من أن «المدنيين هناك يستهدفون على أساس عرقي ويتم تهجيرهم من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور ومواقع أخرى. وأن التعبئة من القبائل العربية على الحدود تؤثر على النزاع والسلام الإقليمي».
وبين أن القتال بين الجيش والحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان والنيل الأزرق أدى إلى «نزوح وإصابة الكثيرين» لافتا إلى «خطر تجزئة الدولة، وأن ما بدأ كنزاع بين تشكيلين عسكريين، يمكن أن يتحول إلى حرب كاملة».
وأكد أن «القتال الذي اندلع في السودان كان يمكن تجنبه في حال استجابت الأطراف المتحاربة للدعوات العديدة من جهات سودانية والدولية من أجل التهدئة والحوار» مشيرا إلى «جهود المدنيين وبعثة يونيتامس والشركاء الإقليميين من أجل التسوية وصولا إلى توقيع الاتفاق الإطاري في ديمسبر/ كانون الأول الماضي، دون تدخل من الخارج تمهيدا لاتفاق سياسي لاستعادة الحكم المدني وإصلاح قطاع الأمن».
ولفت إلى أنه «في خضم استمرار المشاورات للوصول لاتفاق نهائي عزز الجيش والدعم قواتهما في العاصمة على نحو غير مسؤول».
وذكر أن «البعثة الأممية ظلت حتى اللحظة الأخيرة، تنذر بأن الجانبين كانا يتهيئان للحرب وتسوية نزاعهما بالقتال» مشيرا إلى أن «البعثة ظلت على تواصل مع الطرفين، داعية إلى ضرورة إنهاء الحرب».
ولفت إلى «جرائم القتل على أساس عرقي في غرب دارفور، وأن الأمم المتحدة لديها تقارير موثوقة حول 13 قبرا جماعيا في الجنينة نتيجة لهجمات الدعم السريع والقبائل العربية الموالية لها ضد المدنيين والذين كان أكثرهم من قبائل المساليت.
وأشار إلى التقارير حول انتشار جرائم العنف الجنسي، مشددا على ضرورة الشروع في التحقيقات والمساءلة وتقديم الخدمات للضحايا.
«لن تكون محايدة»
ورأى أن «المسؤول عن القصف الجوي العشوائي هو من يملك سلاح جو، والذي يملكه الجيش، بينما أكثر حالات العنف الجنسي والقتل والنهب تحدث في مناطق سيطرة الدعم السريع، وأن الطرفين يعتقلان ويعذبان المدنيين، فضلا عن جرائم القتل خارج إطار القانون».
وشدد على «أهمية أن تدرك الأطراف المتقاتلة عدم إمكانية الإفلات من العقاب».
وقال إن «الأمم المتحدة لن تكون محايدة في الحرب والانتهاكات، وإنما تنحاز إلى جانب المدنيين والفئات الهشة».
وخلال مخاطبته الجلسة قال رئيس لجنة مجلس الأمن للعقوبات الخاصة في السودان هارولد ادلاي إن لجنة الجزاءات استمعت إلى تقارير مرحلية من لجنة الخبراء المعنيين في السودان، تحدثت عن تدهور الأوضاع في دارفور واستهداف المدارس والمستشفيات ومقار الأمم المتحدة، مشيرا إلى تواصل التحقيقات وتقديم تقرير بالخصوص في 24 يناير/ كانون الثاني المقبل.
إلى ذلك، قال مندوب السودان في مجلس الأمن الحارث إدريس إن الجيش يخوض حربا «عادلة ودفاعية» ضد «ميليشيا الدعم السريع» التي تشن «عدوانا شاملا» على الدولة السودانية منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وقال إن «حكومة السودان تمسك بزمام المبادرة السياسية وتتواصل مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية من أجل إنهاء الحرب».
وبيّن أن «موقف الحكومة السودانية من إنهاء التمرد يجد الدعم الكافي والمؤازرة من الطيف المجتمعي السوداني التي ترفض بشدة وجود قوات الدعم السريع ومن شايعها في أي معادلة سياسية أو أمنية في السودان».