جرت أول عملية إنزال جوي في التاريخ ضمن تمرين تجريبي للقوات الجوية في الجيش الأحمر السوفيتي في منطقة موسكو العسكرية في الثاني من أغسطس عام 1930.
ذلك الإنجاز العسكري الكبير مهد له في عام 1911 المخترع الروسي غليب كوتيلنيكوف وكان يبلغ من العمر 36 عاما بتصميم أول مظلة تتوفر فيها شروط السلام والأمن لراكبي المناطيد.
هذا العالم الروسي الشاب كان صدم حين سقط طيار في عرض بهلواني جوي في مدينة سان بطرسبوغ، فكرس جهده في تطوير المظلة التي كانت ظهرت في القرن التاسع عشر، وكان ينظر إليها على أنها من دون فائدة، ونجح في تصميم مظلة يتم حتى الآن تصميم جميع النماذج الحديث لمظلات القفز الجوي على أساسها.
الجيش السوفيتي قبل أن ينفذ أول عملية إنزال جوي تجريبية في العالم في عام 1930، قام في عام 1929 بأول تجربة للهجوم بقوات محمولة جوا في عملية قتالية في آسيا الوسطى. سميت عملية الإنزال تلك بـ “الهبوط”، ولم يهبط الجنود بالمظلات بل قفزوا مباشرة من الطائرات على ارتفاع منخفض.
واصل الجيش السوفيتي ريادته في هذا المجال وقام في عام 1933 بأول عملية تمرين في وقت السلم لإنزال قوات مشاة محمولة جوا واسعة النطاق في التاريخ، شارك فيها 62 مظليا.
وبعد ثلاثة سنوات نظم الجيش السوفيتي تمرينا أكبر بكثير شارك فيه ما يزيد عن 1000 عسكري، وتضمن إضافة إلى عملية الإنزال الجوي للجنود بالمظلات، إسقاط وحدات مدرعة من طائرات النقل العسكرية.
الحاجة إلى تصميم مظلات آمنة كانت ضرورية ولا تقدر بثمن بالنسبة للطيارين وأطقم المناطيد في بداية القرن العشرين، وزاد الانتباه إليها خلال الحرب العالمية الأولى، حيث رأى بعض الضباط في ذلك الوقت أنها وسيلة مثلى لكسر الجمود الدموي فيما يعرف بحرب الخنادق.
ويتردد أن ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني في تلك الحقبة كان اقترح في وقت مبكر من عام 1917، تشكيل أفواج كاملة من المشاة يمكن إسقاطها من الطائرات خلف خطوط العدو، وبالتالي إنهاء حالة الجمود المزمنة على الجبهة الغربية في ذلك الوقت فيما عرف بحرب الخنادق.
تشرشل لم يكن الوحيد الذي طرح هذه الفكرة، فقد خطط بيلي ميتشل، رئيس الخدمة الجوية في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى، لتجهيز عناصر من فرقة المشاة الامريكية رقم 1 بالمظلات وإسقاطها من الطائرات قرب مدينة “ميتز” الفرنسية في إطار هجوم واسع ضد الخطوط الألمانية، إلا أن الحرب انتهت ولم يتم تنفيذ هذه الخطة.
لفترة طويلة لم يفكر أحد بجدية في استخدام المظلات لإنزال المقاتلين، وكانت المظلة تعتبر فقط وسيلة لإنقاذ الطيارين ولم تجذب سوى القليل من الاهتمام من المتخصصين العسكريين، إلا أن بعض العسكريين السوفييت بدأوا بالاهتمام بالاستخدام القتالي للمظلات منذ عام 1928، وحينها أثيرت مسألة استخدام المظلات في الطيران العسكري في اجتماع لقيادة القوات الجوية السوفيتية.
راكم السوفييت الخبرات من تمارين الإنزال التي أجروها، واكتشفوا مزايا وحدات المظليين وقدرتهم الهائلة على الاختراق والمباغتة والهجوم على خطوط العدو الخلفية، في حال ترددت الجيوش الأوروبية ولم تبادر إلى تحويل المظلات إلى سلاح قتالي، إلا بعد أن رأوا الإنزالات السوفيتية المتتالية مطلع ثلاثينيات القرن الماضي.
المصدر: RT