بقلم: د عامر الدليمي
تمارس المحكمة الجنائية الدولية إختصاصها في الجرائم التي تكون محل إهتمام العالم ، إذ عقدت العزم على وضع حد على عدم إفلات مرتكبي الجرائم الاكثر خطورة التي تهدد الانسانية ،وموضع إهتمام المجتمع الدولي بأسره بموجب إختصاصها الموضوعي حسب المادة ( ٥) من النظام الداخلي ،نظام روما والنظر في الجرائم التالية : –
*جريمةالإبادة الجماعية.
*الجرائم ضد الإنسانية.
*جرائم الحرب.
*جرائم العدوان .
وأن تكون الجريمة المرتكبة في إقليم دولة طرف في إختصاص المحكمة المادة(١٢) الفقرة (٢) ولها صلاحية ممارسة إختصاصها عندما توافق دولة ليست طرفا فيها وتكون الجريمة قد إرتكبت في إقليم هذه الدولة او يكون المتهم احد رعاياها المادة(١٢) الفقرة(٣) ،،،، وعلى ان تجري المحاكمةفي القضية المنظورةأمامها بصورة مستقلة ونزيهه وعادلة وعلنيةللفصل فيها المادة (١٠) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمادة (٦) من الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان والمادة ( ١٤، ١٥) من الاتفاقية الدولية بالحقوق السياسية والمدنية التي أكدت أن يُنظر الى الدعوى بطريقة عادلة علنية وخلال مدة معقولة وبصورة نزيهه ومستقلة وحق المساواة ،،،،،
لذلك نجدأن إختصاص المحكمة إختصاص إنساني لحماية الشعوب والمجتمعات من الجرائم الاكثر خطورة إضافة الى إختصاصها القانوني لغرض تطبيق العدالة وتوفير الامن ومقاضاة المجرمين ،ولهذا لايعفى أي شخص إرتكب او شارك او أمر بارتكاب مثل هذه الجرائم أيا كان منصبه او مسوؤليته كرئيس دولة او قائد عسكري ،المادة( ٢٨) من نظام المحكمة الجنائيةالدولية ،و أن لا يعفى او يعفي نفسه أي طرف من المسوؤلية بسبب الانتهاكات الخطيرة التي نصت عليها اتفاقيات لاهاي الاربعة المواد ( ٤٨،٥١،٥٢،١٣١ ) بخصوص تصرفات الاشخاص المسوؤلين في الدولة ، وعلى هذا الاساس أصدرت المحكمة مذكرة إعتقال بحق ( عمر البشير) رئيس جمهورية السودان السابق لإتهامه إرتكاب جرائم إبادة جماعية بحق جماعة من الشعب السوداني ، وكذلك خضوع ( سلوبودان ميلوشيفيتش) رئيس يوغسلافيا السابق للمحاكمة لإرتكابه جرائم إبادة جماعية ،، مع ان المحكمة لم تصدر أي قرار بحق الجرائم التي إرتكبها النظام السوري ومليشياته الطائفية والقوات الروسية في سوريا ضد الشعب السوري وممارسة جريمة الابادة الجماعية والقتل العمد وجرائم ضد الإنسانية وهي من اختصاصها المادة (٦،٧) والتي ترقى الى فعل جريمة حرب غير عادلة ضد الشعب السوري الذي قتل منه مليونين انسان مدني وتشريد اكثرمن اربعة ملايين خارج البلاد، باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا ، وتدمير المنشآت المدنية والمصالح الخاصة والدور السكنية تدميرا نهائيا ومع ذلك لم تتحرك المحكمة الجنائية الدولية ولا حتى المدعي العام فيها الذي من إختصاصه حماية العدالة وممارسة دور الرقابة القانونية على الجرائم الخطرة ضد الانسانية ،او ممارسة صلاحياته بناء على معلومات مقدمة اليه من قبل اجهزة الامم المتحدة ،او مجلس الامن او المنظمات غير الحكومية ،،وصلاحية إستجوابه المتهمين وجمع الادلة والإنتقال الى مكان إرتكاب الجريمة وتحريك ومباشرة الدعوى من قبله ضد مرتكبي الجريمة ،المادة (٤٢) الفقرة ( ٣) من نظام المحكمة ،وكذلك الفقرة (٨) من النظام الاساس للمحكمة الجنائية الدولية لمحكمة يوغسلافيا السابقة، ،، إلا ان المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مؤخرا قرارا بإعتقال الرئيس الروسي الحالي ( بوتين) لإتهامه البدء بشن الحرب ضد اوكرانيا دون ان تجري المحكمة او مجلس الامن الدولي او الامم المتحدة التحري عن اسباب الحرب او مسبباتها او من هو البادئ فيها ، كما ان الامم المتحدة لم تمارس دورها بصورة فاعلة وجديةفي منع نشوب الحرب او توسعها وضرورة العمل على إيقافها والدعوة للسلم العالمي التي هي من مبادئها الاساسية ،سوى توجيه مطالبات من منظمات حقوقية اوإنسانية او مساعي دوليةلايقاف هذه الحرب ،،،، كما ان الامم المتحدة او المحكمة الجنائية الدولية لم تجهد نفسها او المدعي العام فيها لاجراء تحقيق عندما اعلن ( جورج بوش الابن ) رئيس الولايات المتحدة الامريكية السابق الحرب العدوانية على العراق خلافا لإعلان الجمعية العامةللامم المتحدة القرار رقم ( ٣٠٧٥ ) الفقرة (٤) لعام ١٩٤٩م التي شكلت جريمة ضد السلم العالمي كما عرفها ميثاق نورمبرغ عام (١٩٤٥) وحكم نورنبرغ عام ( ١٩٤٦ ،١٩٥٠) ،والفقرة (٤٩٨) من الدليل الميداني الامريكي ، و الكذبة التي أكد عليها ( كولن باول) وزير الخارجية الامريكي ،امام مجلس الامن الدولي بتاريخ ٥ / شباط عام ٢٠٠٣م بأن العراق يمتلك اسلحة دمار شامل،واشار بإنبوب صغير يحتوي على مسحوق ابيض يدعي انها مواد جرثومية، ثم بعد انتهاءالحرب العدوانية على العراق وقبل وفاته نفى ما قاله امام مجلس الامن وبرر ذلك بضغط من المخابرات الامريكية واعلان ندمه ، اضافة الى إعتراف ( توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا السابق بانه يتحمل المسوؤلية الكاملة عن كافة الاخطاء التي ارتكبتها حكومته عندما شاركت بالحرب على العراق ،و الى تقرير لجنة المحققين البريطانين برئاسة القاضي السير (جون تشيلكوت) وإعتراف ( بلير ) امامها بان الحرب على العراق خرقا وإنتهاكا لقانون الحرب والقانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وجريمة ضد الانسانية وإبادة جماعية وضد السلم الدولي ، لأن الامم المتحدة لم تمنح بموجب قرارها
( ٤٤١ / ٢٠٠٢) الترخيص بإستخدام القوة ضد العراق ،ولذلك فإن الولايات المتحدة الامريكيةوبريطانيا وحلفائهما قد ارتكبوا جريمة ضد السلم والامن الدولي بموجب منطوق المواد (٥،٦،٧،٨ ) من قانون النظام الاساس للمحكمة الجنائية الدولية وإرتكاب دول العدوان جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية في العراق ،وإنتهاك لمقاصد هيئة الامم المتحدة الفصل الاول الفقرة ( ١ ،٢ ،٤،٧ ) ،وإنتهاك للقانون الدولي الانساني وإتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩م وقواعد معاهدة لاهاي لعام ١٩٠٧م ،،،،وعليه فإن القانون الدولي والانساني والضمير العالمي والامم المتحدةوالمحكمة الجنائية الدولية امام إمتحان صعب للنظر في الجرائم التي إرتكبتها دول العدوان على العراق وشعبه ، وعدم الإكتفاء بالدعوه من قبل المؤسسات القانونية والانسانية العالمية الى تطبيق العدل والمساواة فقط وإنما إيقاف الحروب والعدوان بفعل جاد للدول المسببة لأي خرق او تجاوزها على القانون ،وان تغادر المحكمة الجنائية الدولية الإزدواجية في القرارات التي تتخذها من اجل السلم والامن العالميين ،لتعيش الشعوب وتحقق مصالحها في حياة مستقرة لا عدوان لا ظلم لا حروب فيها .