مع اقتراب موعد الإنتخابات التشريعية في العراق، تتنوع وسائل الأحزاب السياسية المتمسكة بالسلطة، لاستمالة الناخبين والفوز بأصواتهم، ما دفعها إلى التعامل مع سماسرة، بدأوا بشراء هذه الأصوات، إما عبر دفع المال، أو تقديم الهدايا العينية، مستغلين الظروف المادية الصعبة التي يمرّ بها معظم العراقيين.
من جهتهم، يُحمّل مسؤولون حكوميون وسياسيون عراقيون، مفوضية الانتخابات، مسؤولية عدم القيام بواجبها الرقابي، ومتابعة الممارسات التي تقوم بها تلك الأحزاب، والتي تندرج في إطار خرق قوانين الانتخابات، التي تؤكد المفوضية أنه لا يجوز خرقها.
وقال مسؤول سياسي مطلع، إنّ “حملة الأحزاب السياسية بدأت، منذ فترة، بالتحشيد الانتخابي وشراء الأصوات”، لافتاً إلى أن “أكثر طرق شراء الأصوات اتباعاً حصل عبر توظيف سماسرة، يتعاونون مع الأحزاب لخدمة تجيير الأصوات لصالحهم”.
سماسرة السياسيين
وأوضح المسؤول السياسي العراقي أنّ “هؤلاء السماسرة هم من وجهاء المناطق والشخصيات المعروفة فيها”، مضيفاً أن “الأحزاب تنافست في شراء ذمم هؤلاء، من خلال إغرائهم بالعروض المالية الكبيرة، بوعود بالحصول على المزيد من المكتسبات في حال تمكنهم من الحصول على الأصوات”.
وأشار إلى أنّ “هؤلاء السماسرة انطلقوا بنشاط واضح، في عملية شراء الأصوات، إذ أنهم تحركوا مع ممثلين عن تلك الأحزاب، للترويج الانتخابي لها، وتوزيع الهدايا العينية والمبالغ المالية”، متحدثاً عن “حركة مكوكية كبيرة يقومون بها، وهم وزعوا هدايا متنوعة على المواطنين، مقدّمين لهم كذلك وعوداً بالحصول على تعيينات ووظائف حكومية”.
ولفت المسؤول إلى أنّ “السماسرة تمكّنوا، حتى الآن، من شراء أصوات كثيرة للأحزاب التي تقف وراءهم”، مبينا أنّهم “استطاعوا، من خلال تلك الهدايا، إقناع العائلات التي لا تريد المشاركة في الانتخابات، بالتصويت”.
المفوضية تتحمل المسؤولية
ويحمّل مسؤولون، مفوضية الانتخابات، مسؤولية عدم محاسبة الأحزاب والشخصيات التي تخرق قانون الانتخاب، ولا تلتزم بشروطه للعمل الدعائي.
وفي هذا الإطار، قال القيادي في التيار المدني العراقي، حسام الجميلي، إنه “يتحتم على مفوضية الانتخابات أن تُشدد من دورها الرقابي، وأن تحاسب كل من يخرق ويتجاوز القانون”، معتبراً أن “تعامل الأحزاب مع السماسرة خلال حملاتها الانتخابية، وتوزيع الهدايا والأموال بشكل علني، هو استخفاف بالمفوضية وبقانون الانتخابات، وعدم مبالاة بالقانون العراقي، فكيف سيطبق القانون من يستخف به؟”.
وقال الجميلي إن “وصول هذه الأحزاب التي تخرق القانون إلى سدّة الحكم، يعني أنّ العراق سيبقى لأربع سنوات أخرى، في تراجع مستمر، من دون أنّ يحقق تقدماً في أي مجال”.
وينصّ قانون الانتخابات العراقي على عقوبات تتراوح ما بين دفع الغرامة المالية والحبس، لكل من يعمد إلى خرقه.
شروط لاتنفذ
وقال الخبير في شؤون الانتخابات، جبار العاني، إن “قانون الانتخابات وضع شروطاً واضحة للحملة الدعائية الانتخابية، وحدد موعدها في العاشر من إبريل/نيسان المقبل، على أن تنتهي قبل يوم واحد من التصويت، أي تستمر لمدة شهر واحد فقط”، مبيناً أنّ “القانون نصّ على تفاصيل مهمة جدا، في الدعاية الانتخابية، وعلى الأحزاب والكتل، والمرشحين كمستقلين، عدم تجاوزها”.
وأشار إلى أنّ “القانون وضع مقابل ذلك عقوبات على كل من يخرق شروط الدعاية الانتخابية، سواءً لجهة مواعيدها أو في ممارستها، أو لجهة محاولة شراء ذمم الناخبين”، مبيناً أن “عدداً من مواد القانون نصّ على السجن للمخالف، وبعضها نصّ على دفع غرامة مالية في حال ثبتت المخالفات”.
وأكد أنّ “القانون واضح، لكنه يحتاج إلى تطبيق فعلي، وعدم التساهل مع أي جهة أو شخصية تخرقه”.
تشديد الاجراءات
من جهتها، تؤكد مفوضية الانتخابات أنها بصدد تشديد إجراءاتها، بمتابعة الخروقات، بالتعاون مع الجهات المختصة، حفاظاً على حيادية العملية الانتخابية.
وقال عضو المفوضية، غسان العامري، إن “المفوضية تتابع أي خروق في قانون الانتخابات من قبل الجهات المرشحة، وأنّه تم رصدها وتسجيلها وتشخيصها”، مؤكدا أنّه “سيتمّ التنسيق مع الجهات التنفيذية والقانونية لمحاسبة المخالفين وفقاً للقانون، حالة بحالة”.
وأكد أنّ “الحفاظ على حيادية الانتخابات هو في صميم مسؤوليتنا، إذ أنّ أي خرق للقانون سيتسبب في إرباك عمل المفوضية، الأمر الذي يحتم علينا التحرك لمنعه”. يذكر أنه من المقرر أن تجري الانتخابات البرلمانية العراقية، في 12 مايو/أيار المقبل. ويؤكد مراقبون أنها ستكون انتخابات حاسمة، في وقت تتصاعد فيه حدة الصراع بين الأحزاب للوصول إلى سدّة الحكم.