بقلم: الدكتور علي القضاة
قامت أيادي مجرمة من الشياطين في لبنان بتفجير ميناء بيروت يوم الأربعاء الرابع من آب (أغسطس) 2020 عند الدقائق الأولى من الساعة السادسة مساءً بتوقيت لبنان (15:00 بتوقيت غرينيتش) أسفر عن مقتل ما يقارب من 300 شخص (نفس)، وما يزيد عن 7000 جريح لحظة إجرام فاجرة، وسوف تكون شذرتي هذه عن أطماع إيران في لبنان، ثم أعود للحديث عن المجوسية وعن الفرس، وعن أوجه الشبه والعلاقية بينهم وبين اليهود.
ومَن تلومِين من أَرضَعتِهم فَنســـُــوا حليبَ عِزٍّ وفي أوطانهـــم غــَـــدروا
واليوم في قلبك المجروح قد غرزوا سكينهم بعدما (بالشام) قد فَجــَـروا
طبائع الغدر والخيانة متأصلة في نفوس الفرس، وحقدهم دفينٌ غائرٌ في أعماق النفوس على العرب عامة، وعلى المسلمين خاصة، وهم يراهنون دائماً على وجود أتباعٍ لهم في كل دول العالم، وفي العالم العربي على وجه الخصوص، أشخاص مستأجرين تغدق عليهم إيران من أموال الخمس الطائلة، ومن المليارات التي تجنيها من عوام الشيعة حول العالم، ثم تقوم بتحريض أتباعها في تلك الدول على إثارة الفتن والقلاقل في دولهم، وتستخدمهم عبيداً أذلاء لها بكل ما تحمل كلمة العبودية من ذل وإهانة، كما حدث في المنطقة الشرقية من السعودية، وفي البحرين.
لذلك سارعت بعض الأحزاب والحركات في لبنان على مبايعة خميني، واعتبروه إمام المسلمين عندما أعلن ثورته على أساس نظام الولي الفقيه في إيران. ولا يفتؤون بالتصريح في كل المناسبات عن تبنيهم لكل ما تبنى أيران ويقفون مواقفها، بمنتهى الصراحة، أو فلنقل بغاية الوقاحة، لأنها مواقف تعادي كل العرب والمسلمين، بل ويفاخرون بأنهم عملاء تدفع إيران معاشاتهم، ومصاريفهم، وثمن أسلحتهم التي يقتلون بها أبناء جلدتهم، على مبدأ الهاتف العمومي (Pay As You Go)، كلما غذيت الهاتف تحدثت أكثر.
إذا لم تستحِ فافعل ما شئت
اللــصُّ لِـصٌّ وإن أبــدى نزاهتـــــهُ وبـــانَ في عِمَّـــةٍ ســوداءَ يَعْتَجِــرُ
كـذا البَغِـيُّ وإن صاحــتْ بِعِفّتهــــا في عينهـــا جمرةُ الفَحشاءِ تستعــرُ
إنه مما توارث الناس من كلام النبوة الأولى: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، لا يتردد زعيم المقاولة في لبنان بالمجاهرة بتبعيته لإيران، واعترافه أنه جزء تابع لجمهورية إيران، ولنظام الولي الفقيه، والأشد مرارة على نفس اللبنانيين، والعرب أجمع، أنه يجاهر ويفاخر بصداقته لإسرائيل منذ عام 1982، وعلى مدار السنوات حتى الآن.
يؤكد قائد المقاولة اللبنانية بتسجيل متلفز له، بصوته وصورته، ولكنته باللغة العربية، أنه لا يخجل بصداقة إسرائيل بل يؤمن بها، ويدعو كل اللبنانيين إلى تعزيزها وتعميقها، وتوثيقها لأن فيها مصلحة للبنان، ثم يقول نحن على رأس السطح حلفاء الصهاينة، (وليس فقط إسرائيل) وحلفاء إسرائيل، نفاخر بذلك ولا نخجل به، ثم يقول في التسجيل نفسه أن أمر العمليات التي يقوم بها يصدر له من طهران، ويقيم دولة فارسية، كاملة السيادة في جنوب جمهورية لبنان، وما يفتأ أن يقول في كل المناسبات أنه جزء من جمهورية إيران، كما يقول أنه لا يخجل أن من علاقاته مع إسرائيل.
أحرار العالم يرفضون
يا شعب (لبنان) هذا يومكم فقفـــــوا أو فاستكينوا وذوقوا الذل واندثروا
أمثلة كثيرة للحرية والأحرار المنتمين لبلادهم وأوطانهم، الذين رفضوا ويرفضون الوجود الإيراني في بلادهم؛ ومنها شعب جمهورية أذربيجان، التي يتواجد بها نسبة شيعية كبيرة، ولكن شعبها وحكومتها رفضوا الرضوخ لإيران وأطماعها، ولم يسمحوا لها أن تتدخل في شؤونهم الداخلية، ولم يكن ولائهم وانتمائهم إلا لأوطانهم، وليس للمذهب، لذلك وقفت إيران مع جمهورية أرمينيا ضد جمهورية أذربيجان، وضد أتباع المذهب الشيعي فيها.
هكذا يفعل كل أحرار العالم، الذي ينتمون لأوطانهم، وهو ما يجمع عليه كل أحرار لبنان، الذين لا يقلون عن غيرهم وطنية وانتماءً لبلدهم، بمختلف طوائفهم وأديانهم؛ مسيحيين، أرمن، مارونيين، دروز، سنة، شيعة، كلهم متفقون على أن حزباً واحداً، لوحده فقط من يحاول جر لبنان إلى المصائب، وإلى التبعية المذلة والمهينة لإيران، وان هذا الاتجاه هو السبب الحقيقي في دمار لبنان.
وشهد شاهد من أهله
كــلابُ (طهران) ما حلّـت بناحيــــةٍ إلا تــأذى بها الإنســـان والحجــــرُ
يعدُ فضيلة الشيخ صبحي الطفيلي من أبرز مؤسسي حزب الله في لبنان، وقد كان هو أول أمين عام له في العام 1989، وقد هاله ما يرى ويسمع من قتل ودمار، ومن انهيار في الدولة اللبنانية. ويقول إن الحزب الذي أسسه قد انحرف بسبب قيادته الحالية عن جادة الصواب، إلى أداة عمالة، ومن أدنى مستويات العمالة لإيران، وأن الحزب أصبح آلة صماء بيد عصابة تقتل بلا ضمير، وتكذب بلا هوادة، بل يخاطب مباشرة أمين عام الحزب الحالي بكل صراحة، بالقول: أنك كبيرهم الذي علمهم السحر، وأنك من يحمي اللصوص، وأنه شريك فاعل بكل الجرائم التي تجري في كل من لبنان وسوريا.
تصريحات الشيخ الطفيلي واضحة لا تحتمل لُبساً، وقد تكررت غير مرة في كل المناسبات، وخطب الجمعة بقوله: إن لبنان يعيش مأساة حقيقية بسبب أن السلطة أصبحت بيد الشيعة التابعين لإيران، الذين أدخلوا لبنان في دهاليز حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إلا العمالة لإيران والخضوع المهين لها. ويضيف قائلاً إننا في لبنان ندعي شيعة آل محمد، في أفعال القتل والنهب والحرق والاغتصاب لأطفال ونساء سوريا، الأبرياء، وآل محمد بريؤون من هذا إلى يوم القيامة.
المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يتبرأ
مَـنْ يـَتَّخِـــذْ وثنـــاً حِزبـاً ويعبـــدهُ يوماً بِــهِ الوَثـنُ المعبـــودُ ينفجـــــرُ
الشيخ محمد الحسيني المتحدث باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، يحذر شيعة العرب وشيعة العالم، من الحرب الطائفية التي يسعى إليها نظام ولاية الفقيه في طهران، ويحذرهم من العمالة والتبعية المجحوم قاسم سليماني، الذي دمر أكثر من بلد عربي، وأولها العراق الذي كان سداً منيعا أمام التمدد الصفوي في بلاد العرب، يقول الحسيني أن قاسم سليماني كان يمثل النظام الإيراني الصفوي الذي يحتل العراق، وقد ركز على قوله الصفوي وليس الشيعي.
يذكرنا الشيخ محمد الحسيني بأن عدونا واحد، عدونا يحتل بيروت، ودمشق، وبغداد، وصنعاء، ويؤجج نار الفتنة فيها، بينما طهران أمنة مستقرة، ويقول بأن قاسم سليماني كان يدخل إلى العائلات الشريفة الآمنة المطمئنة، في العراق، وسوريا، واليمن؛ عدونا يقتل باسم الحسين والحسين منهم براء.
اتفقت آراء اللبنانيين حول انفجار بيروت
حزينةٌ أنتِ يا (بيــروتُ) لابســــــةً ثوبَ الحدادِ ودمـعُ العيــنِ منهمــــرُ
كــأنَّ ليـــلكِ ممـــزوجٌ بأغنيـــــــــــةٍ من الأنيــنِ فَمِنهـا يُوحِـشُ القمـــــرُ
يرى المحامي ادوارد حشوة، أن شعب لبنان وحده هو من يدفع ثمن الصراع على أرضه، بسبب وجود جيش فارسي، يملك قرار الحرب والسلام، في لبنان، وأن هناك دولة مصغرة في جنوب لبنان تتبع إيران؛ التي قررت استبدال نقل الصواريخ، من طهران إلى لبنان بتصنيعها في الداخل اللبناني.
مما تسبب في انفجار ميناء بيروت، الذي نتج عن تخزين الآف أطنان المواد المتفجرة والحارقة، والصواريخ في مخازن خاصة، تابعة لحزب المقاولة اللبنانية، تدخل، أو تخرج من بوابة تدعى (بوابة فاطمة)، شبيهة بالمعابر الخاصة على الحدود مع سورية، لا تخضع لإدارة المرفأ، ولا تتمكن الدولة اللبنانية من الوصول إليها. ولذلك فإن حزب المقاولة اللبناني دفع عناصره إلى مكان الانفجار ومنعوا أي مسؤول لبناني أمنى، أو عسكري من الاقتراب من محيط عنابر تخزين الصواريخ والمعدات التفجيرية. والتي لا يقربها أيضا لا جمارك، ولا أمن دولة، ولا أمن عام، ولا جيش لبناني.
شهادات أحرار حول إيران في لبنان
الصمتُ عن مجرمٍ خوفاً ومجبنةً على الجميع سيأتي الويلُ والخطـرُ
البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من جهته طالب رئيس الجمهورية ميشال عون بالعمل على «فك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر»، وضمان «حياد» لبنان، ويعد كلام الراعي هو الأعنف ضد «حزب الله»، من دون تسميته، منذ عام 2011، بعد أن خلف بطريرك الاستقلال الثاني الراحل نصر الله صفير، ويعد كلام البطريرك بطرس الراعي؛ انتفاضة سياسية يمكن البناء عليها لمواجهة هذا الانهيار المتمادي في لبنان.
المتحدث باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، الشيخ محمد الحسيني، كان أكثر صراحة ووضوحا في حديثه عن حسن نصر الله، وقد طالب الحسيني بإسقاط الجنسية عن حسن نصر الله، كونه عميل من عملاء إيران، ويطالب السلطات اللبنانية أن تحذو حذو الحكومة البحرينية التي أسقطت الجنسية عن الفرس الذين تمادوا بعمالتهم لإيران.
يضيف الحسيني قائلاً: إن ما يجري في عالمنا العربي اليوم، هو مشروع إيران الفارسية، وقد أصبح لدينا مشكلة في لبنان عندما قامت إيران بتأسيس حزب الله، وجعلت منه ومن أتباعه بندقية مستأجرة تقاتل في لبنان، ومن وقتها أصبحت الطائفة الشيعية في لبنان بخطر شديد بسبب حسن نصر الله وحزبه.
الشيخ صبحي الطُفَيلي أول أمين عام لحزب الله، يقول هذه ليست مقاومة، كل ما يجري بعد عام 2000 ليس مقاومة، إن سلاح حزب الله هو الذي فجر بيروت، وهو سلاح حارس للعدو الصهيوني، وهو الذي دمر العراق وسوريا واليمن.
الطُفَيلي يطلب من نصر الله توضيحاً لقوله كيف إنه يقف مع الشعب اللبناني وهو يلاحق المتظاهرين ويضربهم ويسرقهم. ويضيف قائلاً؛ إن حزب الله هو الرأس الأساسي الذي يتحمل تفجير بيروت، حسن نصر الله، يجب أن يتحاكم أولاً؛ وأن يتحاكم معه خامنئي على جريمتهم، وينعتهم بأقذر الألفاظ وبأنهم سفلة مجرمين في العالم.
الإعلامي اللبناني نديم قطيش يرى أن «حزب الله» في عيون اللبنانيين جميعاً هو المسؤول الأول والأخير عن انهيار لبنان؛ انهياراً لا قيام بعده، وإن ما نسمعه هنا وهناك ليس صراع مصالح بل هي حقائق يعترف بها كل لبناني حر شريف.
بوتين وماكْرون ماكِرُون
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أبدى تعاطفه الشديد مع الأخوة في لبنان بعد مصابهم، وأظهر كل مشاعر التعاطف، إلى درجة إنه غرد على تويتر بالعربية قائلاً: (بحبك يا لبنان)! جاء ايمانويل إلى بيروت حاملاً في جعبته أوامر عدة ليفرضها على لبنان، جاء يعين مندوباً سامياً، كما في دمشق (ألكسندر يفيموف) مندوباً سامياً عن بوتين، وممثلاً رئاسياً خاصاً له في سوريا.
وصل ماكرون إلى لبنان لتفكيك الحكومة، وحل مجلس النواب، وإجراء انتخابات سريعة، ونزع سلاح حزب المقاولة، وتفكيك منظومة الصواريخ الإيرانية؛ وتفكيك مخازن أسلحتها. وأمر ماكرون بنزع السلطة في مطار بيروت من الميليشيات الإيرانية، وتسليم المسؤولية فيه إلى قوات ألمانية، بل ومن منطلق القوة؛ أمر بطرد مجموعة من رجال الأمن اللبناني الموالين لإيران؛ وتطهير الأجهزة الأمنية منهم. وحذر أنه سيستصدر قراراً من مجلس الأمن الدولي خلال عشرة أيام يقضي بتكليف حلف الناتو لتولي فرض الأمن في لبنان، بل ونشر قوات اليونفيل في بيروت، وفي جبل لبنان إذا رفض المسؤولون اللبنانيون أوامره.
تكرر مشهد حرس بوتين الشخصيين الذين لم يسمحوا لبشار أسد بالدخول مع بوتين إلى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية السورية. نعم تكرر المنظر مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في بيروت عقب انفجار المرفأ المأساوي، حيث رفض مصافحة رئيس لبنان ميشال عون، لا بل وأبعدوا عون عن المنصة التي يتحدث فيها ماكرون، على مرأى من العالم أجمع.