أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي استقالتها في خطاب مؤثر بكت خلاله، أمس الجمعة، لينتهي بذلك عهدها الذي استمر ثلاث سنوات اتسمت بالأزمات والصعوبات المتواصلة. وازداد في ضوء ذلك احتمال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق في وقت لاحق هذا العام.
وأُجبرت ماي، التي تولّت منصبها في أعقاب استفتاء بريكست عام 2016، على الاستقالة بعد أن تزايد رفض وزراء ونواب حزبها لاستراتيجيتها التي فشلت حتى الآن في إنهاء عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي التي استمرت نحو خمسة عقود.
ويبدو أنه تم دفع ماي لإعلان الاستقالة على عجل عبر بيان تم ترتيبه بعد لقاء عقدته مع زعيم لجنة الحزب المحافظ المعنية بانتخابات القيادة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الجمعة إنه يشعر بالأسى من أجل رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي التي قالت إنها ستستقيل بعد أن أخفقت في تنفيذ انسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف ترامب في تصريحات أدلى بها للصحافيين في البيت الأبيض أن ماي امرأة عظيمة بذلت قصارى جهدها وأنه سيقابلها أثناء زيارته لبريطانيا الشهر المقبل.
وحذّر رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار من أنّ استقالة ماي تنطوي على مخاطر بالنسبة لدبلن إذ إنّ خلفها قد يخرج لندن من الاتّحاد الأوروبي بدون اتّفاق.
وقال فارادكار إنّ «بريكست ينهك السياسة البريطانية وسيستمر ذلك لفترة طويلة جدا. هذا الأمر يعني أننا ندخل الآن مرحلة جديدة في ما يتعلق ببريكست، وهي مرحلة قد تكون خطرة جدا بالنسبة لإيرلندا».
وحذرت الحكومة الاسبانية من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق بات الآن أمرا لا يمكن تجنبه بعد استقالة ماي.
وقالت الناطقة باسم الحكومة الاسبانية إيزابيل سيلا للصحافيين إنه «في ظل هذه الظروف، يبدو حدوث بريكست بدون اتفاق واقعا منعه شبه مستحيل».
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أمس الجمعة أن أوروبا «مهددة بالتفكك والخروج من التاريخ».
وقال لإذاعة آر تي إلـ «أنا قلق على أوروبا وليس على حزب الرئيس الفرنسي (الجمهورية إلى الأمام)، لان أوروبا مهددة بالانسلاخ والتفكك ومهددة بالخروج من التاريخ» مشيرا أيضا إلى «مخاطر التفسخ».
وشدد قبل يومين من الانتخابات الأوروبية في غالبية دول الاتحاد الاحد (بعد هولندا والمملكة المتحدة الخميس وتشيكيا وايرلندا الجمعة)، «نعم الوضع بالغ الخطورة».
وأضاف «أن أوروبا باتت ساحة رهانات بين قوى تريد تفكيكها».
وأوضح في إشارة تتصل خصوصا بالرهانات التجارية «أن الولايات المتحدة لا يمكنها تحمل رؤية منظمة قوية بإمكانها النهوض والدفاع عن مصالحها الخاصة أمام القوة الأمريكية».
وتابع «يحاول الروس بطرق عدة جعل أوروبا تتفسخ وأن يبدأ الانسلاخ ببعض الدول لتعزيز نفوذهم (..) وتحاول الصين عبر الاستثمارات المختلفة والمتنوعة ضرب تضامن الدول (الأعضاء في الاتحاد) في ما بينها».
وأشار الوزير أيضا إلى أن النزعات «الشعبوية في بعض الدول الأوروبية، تحاول المساهمة في عملية التفكك هذه».
وبدأ الناخبون في ايرلندا والجمهورية التشيكية الجمعة الإدلاء بأصواتهم في اليوم الثاني من اقتراع لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي يؤجج طموحات الشعبويين الذين حققوا الخميس في هولندا نتيجة أقلّ مما كان متوقعاً.
وتجري الانتخابات في ايرلندا في أجواء من القلق المرتبط ببريكست، لا سيما بعدما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي أنها ستستقيل أوائل حزيران/يونيو.
ويتوقع أن تحقق الحركات القومية والشعبوية تقدما كبيرا في الاقتراع، إلا أن مفاجأة أولى سُجّلت في هولندا حيث تقدم حزب العمل بقيادة فرانس تيمرمانس الذي يطمح إلى رئاسة المفوضية الأوروبية خلفا لجان كلود يونكر، حسب التقديرات، على الليبراليين والشعبويين الذين كان يتوقع أن يتصدروا النتائج.