على سطح مكتبه غلاف لمجلة (تايم) الأميركية، يعرض صورة للمقاتلة (إف 16)، التي استخدمها في عام 1981 لتدمير مفاعل “صدام حسين” النووي في هجوم عرف باسم “عملية أوبرا”، وإلى جانب الغلاف شهادة من “جامعة هارفارد” الأميركية بدرجة الماجستير، هو ليس سياسياً مهنياً، لكنه رجل أمن بالدرجة الأولى، تقاعد عن منصب رئيس الإستخبارات العسكرية للجيش الإسرائيلي بعد توليه في الفترة بين 2006 وحتى عام 2010، ومن المحتمل توليه حقيبة الدفاع في حكومة ائتلافية مستقبلية لتل أبيب.. هو الجنرال الإسرائيلي، “عاموس يادلين”.
في حوار أجراه مع الصحافي، “زيف شافيتس”، بشبكة (بلومبيرغ) الأميركية، قال “يادلين”؛ أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، “مناحم بيغن”: “مستعد لأن أخدم تحت أي رئيس وزراء صهيوني يشاركني وجهات النظر والأهداف”.
واستعرض الجنرال الإسرائيلي السابق، في حوار بعنوان: (عدو إسرائيل الأكبر: إيران أم الثقة الزائدة ؟)، آراءه وأفكاره حول البرامج النووية بحكم خبرته بها، حيث حاوره الصحافي بشأن مستقبل توقعات إسرائيل للتوسع الإيراني في المنطقة في ضوء برنامجها النووي، الذي تعارضه تل أبيب، وشكل العلاقات مع خصوم إيران في المملكة السعودية.
إليكم نص الحوار:
منع إيران من إمتلاك سلاح نووي..
- في البداية.. يٌقال إن إسرائيل والولايات المتحدة وقعتا استراتيجية مشتركة في نصف كانون أول/ديسمبر.. فماذا يضم فحواها ؟
- لقد دعوت أكثر من مرة منذ عام 2015 لتأسيس فرق عمل لمتابعة الأهداف المشتركة بين تل أبيب وواشنطن بهذا الشأن، وفي النهاية تحقق الأمر ووضعنا أهداف مشتركة؛ أولها منع إيران من الحصول على سلاح نووي واستخدامه؛ ضم المخابرات الأميركية والإسرائيلية لمراقبة الإلتزام الإيراني؛ الإستعداد للرد المشترك على الإنتهاك الإيراني لشروط الاتفاق النووي الذي وقعته؛ وإحباط الجهود الإيرانية للوصول إلى الهيمنة في الشرق الأوسط.
- أنت لا تعارض الإتفاق النووي نفسه.. هل هذا صحيح ؟
- نعم.. أنا لا أعارض الاتفاق على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، فهو يعطي إيران شرعية تأسيس برنامج نووي واسع النطاق، بما فيه ذلك صنع “القنبلة النووية”، وأقل ما يجب فعله هو تثبيت بنود أحكام غروب الشمس، التي تسقط القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تدريجياً بداية من عام 2025.
“عملية أوبرا” جديدة..
- لقد قلت أن إسرائيل يجب أن تكون جاهزة لردع إيران وحدها.. هل هذا يعني قيام “عملية اوبرا” جديدة ؟.. وهل قدرات إسرائيل مستعدة لمثل تلك العملية الآن ؟
- نعم، أنا أعني ذلك، ولكن هذا هو الحل الأخير بعد إستنفاذ جميع الحلول الأخرى، ولكني لا أستطيع أن أحدد قدرة إسرائيل بالتفاصيل الدقيقة للقيام بالعملية، ولكني أستطيع ان أقول نعم.. إسرائيل تستطيع دك مفاعل إيران النووي.
- وهل إسرائيل ترغب بهذا ؟
- إسرائيل تسير على مبدأ “عقيدة بيغن”، ولذلك لن نسمح لأي بلد بأن يعلن تدميرنا بسلاح نحن نعرف ماهيته ولا نقوم بالتصدي له. ولإسرائيل عدة إهتمامات استراتيجية؛ منها حرب محتملة ضد “حزب الله”، ولكن على رأس تلك الإهتمامات، الحرب في الشمال ضد سوريا والإيرانيين في سوريا، ثم يأتي بعد ذلك “حزب الله” في لبنان، و”غزة” ليست خطيرة بالنسبة لنا على الإطلاق. الجبهة الشمالية هي ما يهم الآن.
إسرائيل لن تفرق بين “حزب الله” ولبنان في حربها القادمة..
- يبدو الجنرالات الإسرائيليون واثقين جداً.. يتحدثون عن الفوز في بضعة أسابيع أو أقل.. هل تشاركهم هذه الثقة ؟
- نعم لأن إسرائيل لديها قوة جوية أفضل، وإستخبارات أفضل، وقد تعلمت من دروس الحروب السابقة ونفذتها. وهذه المرة، لن تفرق بين “حزب الله” ولبنان. وإذا أنضم “بشار الأسد” إلى القتال، فقد يفقد كل ما حصل عليه، بمساعدة روسية، خلال العامين الماضيين.
- لكن إسرائيل ستدفع الثمن أيضاً لأن “حزب الله” حصل على أسلحة متطورة من إيران، وكثير من التجارب العسكرية في الحرب الأهلية السورية ؟!
- نعم، سندفع ثمناً أعلى مما كنا عليه خلال حرب لبنان عام 2006، وخاصة على صعيد الجبهة الداخلية. ولهذا وضعت إسرائيل درعاً دفاعياً فعالاً مبني على أفضل نظام للدفاع الصاروخي في العالم. لكن ذلك لا يمنع أن يكون هناك قدراً من الضرر.
- كيف تتوقع أن يتفاعل الجمهور ؟
- الإسرائيليون لديهم قدر عالي من المرونة. ولكن سيتطلب الأمر تحقيق توازن شديد الحساسية لتوقعاتهم، لأن الإسرائيليون سيريدون حمايتهم بنسبة 100 فى المئة، وكسب الحرب فى غضون ستة أيام، وإجبار الجانب الآخر على رفع علم الإستسلام. وهذا لن يحدث أبداً.
إسرائيل يمكنها معاونة “بن سلمان” بأكثر من التعاون الإستخباراتي..
- لقد ذكرت الروس في سوريا.. كيف سيؤثر وجودهم على الحسابات الإسرائيلية ؟
- عندما كنت طياراً شاباً، في السبعينيات، أطلق المستشارون العسكريون الروس في مصر النار على الطائرات الإسرائيلية فوق قناة السويس. واليوم، نحن لم نعد أعداء ولدينا آلية لمنع الإشتباك ممتازة مع الروس، والعلاقات الجيدة بشكل عام.
- المملكة العربية السعودية جزء من الصورة الإقليمية.. ولديها قضايا خاصة بها مع إيران وسوريا ولبنان.. وهناك ولي عهد جديد الآن، الأمير “محمد بن سلمان”.. ماذا تتوقع منه ؟
- يواجه “بن سلمان” تحديات خطيرة، حيث يبلغ سعر النفط حوالي 60 دولاراً للبرميل. وتحتاج المملكة العربية السعودية إلى 100 دولار للبرميل لتحقيق الإستقرار الاقتصادي. كما أن لديها ضرورة لتحديث المجتمع، فالمملكة العربية السعودية ليست دولة مغلقة مثل كوريا الشمالية، وهناك أكثر من 100 ألف سعودي يدرسون في الخارج. وأغلبية سكان المملكة من الشباب وهو الجيل الذي يدعو دائماً للتغيير، ولكن الكثير من الناس لا يحبون التغيير، ولهذا سيواجه الكثير من العقبات.
- هل إسرائيل تساعده ؟
- هذا سؤال مخادع.. ولكن هو أمر وارد الحدوث، لأن لدينا الكثير من المصالح المشتركة، لن يكون من الغريب إذا كان هناك تعاون إستخباراتي وربما أكثر من ذلك.
سياسة حل الدولتين ليست “فض مجالس”..
- لقد قلت أن التقدم في القضية الفلسطينية هو مفتاح العلاقات مع المملكة العربية السعودية.. لماذا ؟
- نحن بحاجة إلى إقناع حلفائنا، بما في ذلك حلفائنا العرب المحتملين الجدد، بأن إسرائيل تعتزم إحترام سياستها في حل الدولتين. وهذه ليست مسألة “فض مجالس” وحسب، فنحن بحاجة إلى إظهار حسن النية من خلال مساعدة الفلسطينيين على بناء المؤسسات والبنية التحتية الوطنية، وبالتالي إظهار جدوى ذلك.
- هل تؤيد قيام دولة فلسطينية لمساعدة إسرائيل على تعميق علاقاتها مع العالم العربي ؟
- نعم، ولكن لسبب أكثر أهمية، هو أن سفينة إسرائيل تتجه إلى الإرتطام بجبل جليدي من تعداد السكان، أنا أقول إن “غزة”، ليست جزءاً من حساباتي الديموجرافية وأعتقد في المستقبل ستتجدد الهجرة اليهودية على نطاق واسع. ومع ذلك، فإننا لا نستطيع أن نحتفظ بعدد كبير من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية تحت سيطرتنا الدائمة.
هذا لأن إسرائيل، التي أؤمن بها، تقوم على أربعة مبادئ أساسية: “يجب أن تكون آمنة، يهودية، ديمقراطية، وخالصة لذاتها”. وحل الدولتين أعتقد أنه يفي بجميع المبادئ الأربعة، وعلينا أن نبقي هذا الخيار مفتوحاً، حتى وإن لم نتمكن من الوصول إليه اليوم، وعلينا أن نبين لحلفائنا أننا جادون.
- وعد “ترامب” بتقديم “صفقة نهائية” للسلام في الشرق الأوسط في أوائل عام 2018.. هل يمكن شرح تلك الصفقة ؟
- ليس هناك أي تسريبات حول تلك الصفقة، ولكني أدعو أن تكون صفقة ناجحة، وإذا إستطاع أن يضمن “ترامب” في صفقته أمن إسرائيل وبناء دولة فلسطين من جديد وإثبات جديتنا للحلفاء العرب، فإنه قد يستحق على ذلك “جائزة نوبل”، وأي أشياء أخرى يمكن تركها للأجيال القادمة لحلها.