بقلم: د.مها أسعد
أدركت الفتح بشهادتك يا نصر الله ولم تتخلف عن ركب صهوة جوادك في الجهاد، ليكون يوم شهادتك فرقان لشق صفوف الأُمة بين الجهاد والمقاومة وأتباعها والمُستعمر المُحتل وأتباعه، نُركز على هذه الجزئية مُلزمين لغربلة صفوفنا ومن ثم إكمال المسير بمن ثبت على المبدأ وطريق الحق من المناضلين ومن تمسك بعروتهم وجعل من الجهاد وشاحاً يتلفع به، وبين من ضل الطريق ليبتعد عن دربنا وعن خطنا ونهجنا الواضح الذي لطالما عمدنا بتكرار ثوابته لترسيخ الأهداف،
فالنضال عند صاحب القضية والذي دائماً ما يكون مُستعد للتضحية من أجلها فعل موازِ لحياة الإنسان، فإذا تحدثنا عن الجانب الديني فإن مفهوم الجهاد هو الذي يكون مُسيطراً ضد النفس التي دائماً من هذه الزاوية يُنظر إليها على إنها أمارة بالسوء، وهو شعور يعيشهُ الفرد المؤمن بقضيته ضد نفسه اللوامة، ويمثل صورة من النضال الذاتي الداخلي الذي لا نطلقهُ ضد ما هو خارج عنا بل ما يتكون داخل من تمسك به، ودوماً ما تقترن المُقاومة اقتراناً شرطياً بالفداء وتجلي الروح وصراع النفس ونكران الذات، ومن ناحية ثانية وبالنظر إلى التحديات والمفارقات والمشكلات المُتراكمة فإن الإنسان بعينة هو المعني بإحياء فكرة النضال وجعلها فكرة مرتبطة بوجودهُ الاجتماعي، حيث نعتقد أن المفاهيم التي أصبحت أكثر استعمالاً على غرار ذلك هي: (المناهضة، المعالجة، التصدي، التحدي ، التضحية) وأهمية تضمينها في كتابات تأخذ هذا المنحى، والمهم في ذلك أن لا نمحي فكرة النضال من خطاب الحياة المُعاشة بجميع تفصيلاتها ومناحيها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في عالم يكون الصراع حاضراً فيه على الدوام مُتمكناً فيه القوي مُتنافساً على ما هو مادي بالهيمنة على الدول الضعيفة، إذ لا يعرف للروح معنى ولا للحرية ذوقاً ولذة دون النضال، كُل تلك النتائج يتم أستخلاصها من التجارب التاريخية والحقائق المليئة بالقيم والمواقف المُشرفة التي سُجلت في أروع صفحات المجد الخالد لما يلفت الانتباه لأخذ الدروس والعبر وجعل منها لنا رصيداً من المواقف نتذكرها لنستند عليها ونجعلها ذخيرة ذاكراتية زاخرة بالمجد نعود لها دائماً لشحذ الهمم،
أما فقيدنا ونموذج حديثنا “الشهيد نصر الله” فإن عزائنا على الدوام بمثل هذه المواقف، عند فقد عزيزاً مُقتدر قائداً في ساحات الوغى فالغضب في نهجنا الثوري يكون أقرب لشعورنا من الحزن، حيث الانتقام والأخذ بالثأر ومواصلة القتال، لان ما يدعونا لذلك أكثر وأكثر هو أن يكون الشهيد قد قاتل بالوكالة نيابة عن الأمة فطعنتهُ الأُمة بالسنتها بالشماتة ولم تُكلف الاعداء تبرير قتله؟! لا مبرر لكم يا من تخاذلتم عن ركب شرف الجهاد لأن طريق الحق واضح وإن ضللتموه فهدف العدو يُرشدكم إليه، فالقيم العُليا لا تليق إلا بأصحابها وهي مرهونة بمعيار الثبات على الموقف وتجسيدهُ في الواقع، كُل ما دون ذلك شعارات لا تغني ولا تُسمن، أطمأنوا فالمعركة على طريق القدس ستبقى مُستمرة لحين أحقاق الحق وإعلان دولة فلسطين، فعبر تاريخ النضال في العالم لم تُحقق أغتيالات القادة أيقاف للمعركة أو حسم إستراتيجية الصراع، بل تزيد المُقاومين عزيمة وإصرار على تحقيق الهدف والنصر المُحتم بالارادة الحرة.