بالتوازي مع إنتشار فيديوهات مواجهة القوات الشرطية الإيرانية مع المتظاهرين بمدينة “مشهد” المقدسة على قنوات (التليغرام)، أكد “محمد رحیم نوروزیان”، حاكم المدينة العسكري، بحسب وكالة الأنباء الطلابية، شبه الرسمية، على: “اعتقال عدد من مثيري الشغب الذين كانوا بصدد الإعتداء على الممتلكات العامة وإتلافها”.
في حين كشفت التقارير الإخبارية عن إندلاع مظاهرات عارمة في مدن: “مشهد ونيشابور وكاشمر”، تحت شعار: (لا للغلاء). في غضون ذلك ردد المتظاهرون شعارات: (الموت لخامنئي) و(الموت لحسن روحاني)، ووصفوه بالديكتاتور وطالبوا بوقف المساعدات إلى سوريا وفلسطين.
بدأت بدعم من قوات الأمن !
كان موقع (آراز نيوز)، المحسوب على فرقة الديمقراطية في “أذربيغان”، قد تتبع عملية الإعتراضات الأخيرة التي إجتاحت إيران خلال الأشهر الماضية وأنتهت إلى تفاقم الأوضاع: “إذ تنامت المظاهرات الغاضبة في طهران وسائر المدن الإيرانية؛ إعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية خلال الفترة الماضية برعاية القوات الأمنية، وقد شملت مظاهرات العمال للحصول على رواتبهم الشهرية، وإعتراضات المودعين في المؤسسات المالية المحسوبة على الحكومة على إفلاس هذه المؤسسات وعجزها عن رد أموال المودعين. من ثم تطورت المظاهرات وخرجت عن نطاق المظاهرات الفئوية بعد إعلان ميزانية العام 2018، وما أشتملت عليه من رفع أسعار ناقلات الطاقة”.
وتتفق رؤية الصحافي الإيراني المعارض، “سیامک إقبالي”، في مضمونها مع أورده موقع (آزار نيوز)، “من أن المظاهرات حظيت في البداية بدعم القوات الأمنية والمرشد علي خامنئي، لكن سرعان ما تطور الأمر وأنطلقت المظاهرات من ميدان الثورة بإتجاه مكتب الإرشاد. وهو الخط الأحمر بالنسبة للقوات الأمنية التي لا يمكنها تجاهله، ولذا سارعوا إلى تفريق المتظاهرين بالضرب حتى لا تصل المظاهرات إلى بيت مكتب الإرشاد. في المقابل تطور الأمر وردد المتظاهرون شعارات ضد النظام بأكمله”.
لم تنفع مع المتظاهرين سياسة “هايد بارك”..
هاجم المتظاهرون، (كما في الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي)، حتى الآن ثلاثة من مراكز القوة الحكومية، أحدها “هيئة الإذاعة والتليفزيون”، التي عزفت عن نقل أخبار المظاهرات، وردد المتظاهرون شعار: (عليك العار يا تليفزيونا). ثم “البرلمان” و”السلطة القضائية”؛ وهما يقعان تحت سلطة الإخوة “لاريجاني”، حيث ردد المتظاهرون شعار: (شعار كل إيراني إقصاء الإخوة لاريجاني).
ويبدو أن حكومة الرئيس “روحاني” كانت تدرك مدى تردي الأوضاع بشكل كبير، ولذا أعلن وزير الداخلية، “عبدالرضا رحماني فضلي”، قبل شهر تقريباً، تخصيص متنزهات عامة للتظاهر والإعتراض.
وكذلك أصدر رئيس البرلمان، “علي لاريجاني”، قراراً بإغلاق الشوارع المؤدية إلى البرلمان بحواجز أسمنتية. وقد أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، واستخدمت كذلك عربيات المياه وعناصر فض الشغب في تفريق المتظاهرين الغاضبين.
الإنتفاضة ضد الغلاء والبطالة..
في “نيشابور” خرجت المظاهرات “ضد الغلاء والبطالة”، ودعا المتظاهرون الشباب للإنتفاضة ورددوا شعارات: (اللص يسرق والحكومة تحمي) و(أطلقوا سوريا وفكروا بحالنا)، كناية عن إستنزاف أموال الشعب في المغامرات التوسعية للنظام، وتعبيراً عن رفض الشعب الإيراني للوجود الإيراني في سوريا.
وتشير الفيديوهات كذلك، إلى إندلاع المظاهرات في “شاهرود”، وبعض المدن جنوبي إيران، وهتفوا بشعارات تعترض على “الغلاء” وتنتقد مسؤولين بالدولة. ولم تدعوا جهة رسمية إلى المظاهرات، وإنما جاءت بناءً على طلب المواطنون، سابقًا، على مواقع التواصل الاجتماعي بالمشاركة في هذه المظاهرة دون تردد.
وأستنتج بعض الخبراء من الميزانية، التي قدمها الرئيس “روحاني” إلى البرلمان، “أن الجمهورية الإيرانية على وشك الإنهيار الاقتصادي. وأتهموا الحرس الثوري بتوجيه المظاهرات؛ على خلفية ما قامت به بعض الوسائل الإعلامية المقربة من الحرس الثوري والتيار الأصولي من تضخيم ونقل أخبار المظاهرات. ناهيك عن إنطلاق المظاهرات من مدينة مشهد أحد القواعد الشعبية للتيار المحافظ. وأن الحرس الثوري يقامر بتدعيم المظاهرات، لأنه في حال نجاح هذه المظاهرات، فسوف يقع النظام بأكمله تحت مظلة ضمان الحرس الثوري، لكن في حال خرجت المظاهرات عن السيطرة يجب على الحرس الإستعداد للنهاية، لاسيما وأن أداء الجمهورية الإيرانية يهيء بشكل عملي الأجواء لإنفجار المجتمع وإنهيار النظام”.
أخيراً فقد إقتصرت المظاهرات، في البداية، على عدد من المدن الإيرانية، لكن التعامل الأمني العنيف قد يزيد من وتيرة العنف وإندلاع مظاهرات جديدة، ويقوض بالفعل نظام ولاية الفقيه الذي يأبى عن الإستماع إلى المتظاهرين ويكتفي بالتنصل من المسؤولية في ظل تبادل الإتهامات بين أركان النظام.