صحيح أن الشر فتح يوم السبت من الجنوب، لكن كلما مرت الأيام يتعاظم خطر المواجهة الواسعة لدرجة الحرب في الجبهة الشمالية.
منذ بدأ القتال مع حماس في غزة، اتسعت واحتدمت الأحداث على طول خط المواجهة في الحدود اللبنانية – نار صواريخ، نار صواريخ مضادة للدروع نحو القوات، تسللات. في ضوء الأعصاب والتوترات، طلب من سكان الشمال أمس في ساعات المساء الدخول إلى الملاجئ خوفاً من تسلل طائرات معادية من لبنان، ما تبين لاحقاً أنه إنذار عابث.
حين يكون رأس إسرائيل، وبالطبع قلبها، ينغرسان في غزة، مع مئات القتلى والمخطوفين، فالأمر الأخير الذي تحتاجه وتريده هو مواجهة مع “حزب الله”.
غير أنه مثلما بدأ التصعيد الأمني في العام 2006 في غزة، مع اختطاف جلعاد شاليط إلى القطاع في 25 حزيران، وانتهى بحرب لبنان الثانية، مع اختطاف إيهود غولدفاسر والداد ريغف في 12 تموز، فثمة ميل الآن لتدهور خطير جداً على الحدود الشمالية.
حتى اليوم اعتقدت إسرائيل أن حرباً مع “حزب الله” ستكون لا شيء مقارنة بالمناوشات في غزة. بعد المذبحة الرهيبة، والذبح، والقتل والأمور التي يصعب حتى كتابتها، فلا يمكن لقول هذا بعد الآن بالثقة ذاتها. ومع ذلك، فالمواجهة مع “حزب الله” هي في مستوى آخر تماماً، وإسرائيل كفيلة بأن تواجه الحرب الأطول والأعقد في تاريخها. صحيح أن إسرائيل فعلت في الأيام الأخيرة كل شيء كي تحاول الفصل بين الساحات. وبالتالي، تكتفي بردود مقنونة، وثمة من سيقول مقنونة جداً، رغم الاستفزازات الخطيرة في الأيام الأخيرة. نصر الله يوتر الحبل جداً، لعله يفكر بأن الوقت حان لاستفزاز إسرائيل، لكن هناك إمكانية ليفلت الحبل منه وتكون للأحداث دينامية خاصة بها.
وثمة إمكانية أن يبادر بفتح حرب، بخاصة إذا ما دخل الجيش الإسرائيلي براً إلى غزة وتغرق قواته هناك. هكذا يتمكن نصر الله من محاولة إثبات نظريته عن “بيت العنكبوت” فيضرب إسرائيل بينما هي مرضوضة ومضروبة، بعد أن تتعرض للضربة الأقسى في تاريخها.
بالمقابل، يدرك الأمين العام لـ “حزب الله” قوة إسرائيل، وأن ليس لها الآن ما تخسره، ولهذا فإن العدوانية التي تفعلها قد تشكل ضربة موت للبنان.
المطلوب انتصار ساحق
نجح الجيش الإسرائيلي في تحقيق سيطرة نسبية على غلاف غزة وأعلن بوقف تسللات جديدة إلى أراضي إسرائيل. لكن مع ذلك، سجلت اشتباكات أمس في الميدان بل واشتباكات قاسية، ويفترض جهاز الأمن بوجود مخربين قلائل ما زلوا يتجولون في الأراضي الإسرائيلية.
في جبهة الهجوم يواصل الجيش الإسرائيلي التركيز على العمل من الجو وضرب أي هدف لحماس، بدون بتوازن وبـ “انقر السطح”.
لقد وضع الجيش لنفسه هدفاً مركزياً للمس بمسؤولي حماس من الجو، وفي الليلة السابقة هوجم بعض منهم أيضاً. في البر، مئات آلاف رجال الاحتياط الذين وصلوا إلى الجنوب يجتازون تدريبات وينفذون نماذج وأنظمة قتال تمهيداً لإمكانية تلقي أمراً بالدخول إلى قطاع غزة.
إذا كنا أمة محبة للحياة، فلا مفر أمامنا غير إنهاء المعركة في غزة بانتصار ساحق وواضح ولا لبس فيه. مع أن نتنياهو يرفض القول صراحة إنه يجب إسقاط حكم حماس فإن قطاع غزة يجب أن يصبح جزر خرائب بدون ترددات وعوائق.
بالتوازي، في ضوء الاستفزازات في الحدود الشمالية، ولكيلا نصل في الشمال إلى وضع مشابه لما وصلنا إليه في الجنوب، بالضبط مثلما يتردد نصر الله في ما إذا كانت هذه ساعته المناسبة للعمل، فعلى إسرائيل أن ترد الآن بعدوانية على أحداث الحدود، بل وربما الخروج إلى خطوة مبادر إليها. الفضل في ذلك هو أن تتمكن إسرائيل من بدء المعركة في ظروف بداية أفضل. بالمقابل – النواقص هائلة؛ لأننا نفهم معنى الحرب مع “حزب الله”، فما بالك أن يكون القتال مركباً في جبهتين أو أكثر.
مستوى الضغط والهستيريا في الدولة كلها عال. واضح للجميع بأن أياماً دراماتيكية وقاسية لا تزال أمامنا. لكن إذا أردنا البقاء هنا، في الشرق الأوسط، فلا مفر أمامنا غير الانتصار.
ليلاخ شوفال
إسرائيل اليوم 12/10/2023