نشر موقع (نيوز وان) العبري مقالاً للكاتب الإسرائيلي ومحلل الشؤون الفلسطينية، “يوني بن مناحم”, تناول فيه موقف الفلسطينيين من خطة الرئيس الأميركي لحل القضية الفلسطينية، المسماة بـ”صفقة القرن”, ولماذا يعتبرها الفلسطينيون “نكبة” جديدة.
“ترامب” سيُعلن عن “صفقة القرن”من القاهرة..
يقول “بن مناحم”: “في أيار/مايو المقبل، سيُحيي الفلسطينيون الذكرى السنوية السبعين للنكبة التي أحلت بهم؛ جراء إقامة دولة إسرائيل على ما يُسمى بـ«أرض فلسطين التاريخية». وهي ذكرى شؤم وحُزن بالنسبة للفلسطينيين، لكن يبدو أن مشيئة القدر ستُنزل عليهم (نكبات) أخرى في أيار/مايو المُقبل, الذي سيتم في الـ 14 منه نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في ظل احتفال مهيب؛ ربما سيحضره الرئيس «دونالد ترامب». ومن المتوقع وفقاً لكثير من المؤشرات أن يُعلن «ترامب» خلال ذلك الشهر أيضاً عن خطته السياسية الجديدة التي يطلق عليها (صفقة القرن). وكانت صحيفة (نيويورك تايمز) قد أفادت في 12 آذار/مارس الحالي أن الخطة الأميركية الجديدة باتت شبه مُكتملة، بينما تزعم مصادر من حركة «فتح» أن الفلسطينيين لديهم معلومات بأن الرئيس «ترامب» سيعلن عنها من القاهرة وسيدعو الفلسطينيين والإسرائيليين والدول العربية إلى دعمها”.
صفقة لتصفية القضية..
بحسب مسؤولين أميركيين، فإن الخطة الأميركية لن تتضمن حل الدولتين بل ستدعو الطرفين لإحراز حل ملائم لهما وإيجاد تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وتحاول الإدارة الأميركية تحلية تلك الحبة من الدواء المر؛ حيث تمارس الضغط – من خلال الدول العربية المعتدلة – على رئيس السلطة الفلسطينية، “محمود عباس”، كي يقبل مناقشة الصفقة.
لكن ما ترسخ لدى “عباس”؛ هو أن قرار “ترامب” الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، قد قضى على أي احتمال لأن يناقش الفلسطينيون تلك الخطة. وتعد “صفقة القرن” في نظر السلطة الفلسطينية “نكبة” سياسية ثانية، وهي في نظر قيادة “منظمة التحرير الفلسطينية” بمثابة خطة لتصفية القضية الفلسطينية، وليس إيجاد حل لها. خاصة إذا ما أضفنا إليها قرار “ترامب” بخفض الميزانية المُخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، “أونروا”، واعتزام الإدارة الأميركية توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن إقامتهم الحالية بالدول العربية.
جهود المصالحة المصرية فخ يستهدف “عباس”..
يرى “بن مناحم” أن “النكبة ” الفلسطينية الثانية تتجلى أيضاً في فشل كل الجهود الرامية لإنهاء الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة, وتوحيد المواقف بين حركتي “فتح” و”حماس”. ويعتقد الرئيس الفلسطيني، “محمود عباس”، أن جهود المصالحة التي تبذلها مصر؛ هي مؤامرة تهدف لإبعاده عن الحياة السياسية والإتيان بـ”محمد دحلان” بدلاً منه.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة (العربي الجديد)، في الـ 12 من آذار/مارس الجاري، أن رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية في الضفة الغربية، اللواء “ماجد فرج”، أعد تقريراً سرياً لرئيس السلطة الفلسطينية حذره فيه من الفخ الذي سيقع فيه حال استكمال عملية المصالحة مع “حماس”. وبحسب التقرير، فإن دور وفد المخابرات المصرية، الذي وصل قبل أسبوعين إلى قطاع غزة، هو تمهيد الطريق لعودة “دحلان”. وفي حال رفض “عباس” مبادرة المصالحة المصرية فسوف يتعرض لحملة تشويه من جانب وسائل الإعلام المصرية باعتبار أنه المسؤول عن فشل المصالحة وتقويض الجهود الرامية لتحقيق الوحدة الفلسطينية.
“عباس” يتحدى “صفقة القرن”..
إن اللقاء الأخير في البييت الأبيض، الذي جمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، “نتانياهو”، والرئيس الأميركي، “ترامب”، قد ترك إنطباعاً سيئاً للغاية لدى الفلسطينيين، لأنه وفقاً للتقارير الإعلامية، قد ركز بشكل أساس على الخطر الإيراني ولم يخصص سوى 15 دقيقة لمناقشة الشأن الفلسطيني. وترى القيادة الفلسطينية أن ذلك يعكس مدى التنسيق القائم بين إسرائيل والولايات المتحدة حول، “صفقة القرن”، وأن الجهد الرئيس للولايات المتحدة وإسرائيل، في مايو/آيار المقبل، سيركز على مهاجمة أهداف تعكس التواجد العسكري الإيراني في سوريا؛ وليس على محاولة للتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. لذلك فإن “عباس” حريص على بذل كل ما في وسعه لإفشال “صفقة القرن”، وهو بذلك يكون في الواقع قد انضم إلى الاتفاق بين “إيران وحماس والجهاد الإسلامي” بقيادة الجنرال “قاسم سليماني” لإحباط الخطة الأميركية الجديدة بكل السُبل الممكنة.
الساحة الفلسطينية وسيناريوهات التصعيد..
يضيف “بن مناحم”: “في بداية شهر آيار/مايو المقبل، سيكون قد انتهى اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله، الذي سيختار القيادة الجديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية ونائب «عباس», إلى أن يتم إجراء الانتخابات. ويعتزم «عباس» اعتزال منصبه قريباً في ظل احتفاظه بــ«الخطوط الحمراء» للفلسطينيين، حيث أكد بنفسه، في المجلس الثوري لحركة فتح قبل أسبوعين، قائلاً: «إنني لن أُنهي حياتي بالخيانة»”.
إن المؤشرات على أرض الواقع حول ما سيحدث، في شهر آيار/مايو 2018، تبدو مُقلقة، حيث أعطت حركة حماس “الضوء الأخضر” للخطة الفلسطينية لتنظيم “مسيرة العودة” في قطاع غزة. حيث يعتزم منظمو المسيرة أن يقودوا، في 15 أيار/مايو 2018، عشرات الآلاف من الفلسطينيين نحو عدة نقاط مختلفة على السياج الحدودي في “قطاع غزة” بهدف عبوره، وفي الوقت نفسه، ستكون هناك محاولات من قبل مشاركين في مسيرات فلسطينية أخرى للوصول إلى السياج الحدودي بين إسرائيل وجنوب لبنان بموافقة “حزب الله”. وتهدف تلك المسيرات إلى التأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى “ديارهم وممتلكاتهم”، وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 194، وتمثل تلك المسيرات رفضاً وتحديًا لخطة “صفقة القرن” التي يعدها الرئيس “ترامب”.