أمريكا وخيار المواجهة مع نظام خامنئي

أمريكا وخيار المواجهة مع نظام خامنئي

بقلم؛ أ‌. د. عبدالرزاق الدليمي
في سنة 2006 دعيت إلى مؤتمر دولي في استنبول، بصفتي الأكاديمية، وفوجئت أن الحضور كلهم من المشاركين في العملية السياسية، التي صممها الاحتلال، على وفق مقاساته ومصالحه في العراق، وكانت تدير المؤتمر مجموعة من دهاقنة مخططي السياسة الخارجية الأمريكية (مجموعة هنري كيسنجر) أمثال هال ساندرس وريتشار مورفي (مهندسو اتفاقية كامب ديفيد) وغيرهم، وخصص لي وقت لإبداء رؤيتي في الجلسة الثانية، ولفت انتباهي أن المجموعة الأمريكية كانت مهتمة جداً، ليس بالاستماع إلى ما قلته، بل وفي تسجيل الملاحظات، وهذا ما دفع ريتشارد مورفي (عمل نائباً لهنري كيسنجر وسفيراً في عديد من العواصم العربية ويتحدث اللغة العربية)، أن يعقب على ملاحظاتي وهو أمر لم يفعله في السابق، لاسيما بعد أن قدمت تصوراً عما حدث وسيحدث، ليس في العراق بعد احتلاله ولكن في الوطن العربي.
المهم في اليوم الثاني جاءني شخص اسمه فريد ومعه د. اسامة التكريتي (الحزب الإسلامي) في أثناء الاستراحة، بعد الجلسة الصباحية الأولى، وقال لي إن ريتشارد مورفي يريد أن يستشيرك في موضوع مهم؟؟!! فلم أبدِ أي ممانعة.. وبعد لحظات جاء مورفي وسلم عليّ بحرارة (باللغة العربية) ثم طلب من فريد (مسؤول الحزب الإسلامي في أوربا وبريطانيا آنذاك) أن يترجم بعض العبارات، التي ربما لا يستطيع توضيحها باللغة العربية وقال لي: أنتم (يقصد النظام الوطني قبل الاحتلال) تعرفون أكثر من غيركم كل شيء عن المنطقة هل تنصحنا أن نستخدم القوة العسكرية ضد إيران؟ وبعد لحظات، من الصمت والتفكير، أجبته: سترتكبون خطأ جسيماً إذا استخدمتم القوة العسكرية.. فسألني لماذا: قلت (وفريد وأسامة التكريتي يستمعان): إن النظام في إيران يضعف يوماً بعد يوم وعلاقته بالشعوب داخل إيران ليست جيدة ولذلك إذا ما هاجمتم النظام في إيران عسكريا فإن هذه الشعوب ستلتف حول النظام وتدعمه ضدكم لأن من عادة الشعوب، حتى وان اختلفت مع ظالميها من الحكام، لن تقبل بأي عدوان خارجي.. وسألني ما الحل البديل؟ وقدمت له افكاراً سجلها جميعها!
أظنهم وضعوها في رفوف مكاتبهم طالما أن سياسات النظام الإيراني، لحد ذلك الوقت وإلى الآن، كانت تخدمهم، بنحو يتماشى مع خططهم ومصالحهم في ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وعليه فإن العلاقة بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية تخضع لتجاذبات مختلفة وعوامل متعددة، ولا يلزم إطلاقا أن يكون لهذه العلاقة تصوراً أوحد وهدفاً وحيداً، ومن ثمَّ فإن بإمكاننا، من هذا المنظور، أن نفسر الأقوال والمواقف العملية المتباينة، التي تصدر من كل طرف تجاه الآخر، من دون أن نلجأ إلى نكرانها أو تأويلها أو تسويغها، بنحو غير موضوعي.


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.