لم يصدر أي إعلان أو بيان عن اجتماع عقد في نيويورك بين ممثلين عن اللجنة الخماسية بشأن لبنان، واكتفت وكيلة وزير الخارجية للشؤون السياسية فكتوريا نولاند، بتغريدة بعد اجتماعها مع رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، قالت فيها إن الحديث الجيّد تناول “أهمية إجراء انتخابات رئاسية بسرعة، والدعم الأميركي لإجراء إصلاحات اقتصادية ضرورية تفيد الشعب اللبناني”.
من الملاحظ أيضاً أن بيان الاجتماع بين وزير الخارجية الأميركي مع وزراء مجلس التعاون الخليجي لم يتحدّث عن لبنان، بل تحدّث عن سوريا وإيران واليمن وقضايا أخرى ولم يذكر لبنان.
الموقف الأميركي
في غياب مواقف جديدة، أو انعطافة في موقف أي من الأطراف، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في تصريحات لـ”العربية” و”الحدث” أن واشنطن “تعمل عن قرب مع الشركاء في المجموعة الدولية لدعم لبنان، وتعمل على دعوة المسؤولين اللبنانيين لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتطبيق الإصلاحات العاجلة بما فيه مصلحة الشعب اللبناني”. وذكّر المتحدث باسم الخارجية بأن المجموعة المعروفة باسم “الخماسية” أصدرت بيانات في هذا الشأن من قبل.
وتنفي مصادر الحكومة الأميركية وجود خلافات بين أعضاء الخماسية حول التعامل مع مسألة لبنان، وتقول تصريحات الخارجية الأميركية ، إن الأميركيين يعملون “عن قرب مع فرنسا ومع وزير الخارجية الفرنسي السابق – والآن الموفد الرئاسي للرئيس مانويل ماكرون – جان إيف لودريان، وكذلك مع الشركاء الآخرين للوصول إلى مقاربة مشتركة لحث المسؤولين اللبنانيين على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وتطبيق الإصلاحات”.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية في تصريحاته ، أنه فيما لكل دولة وسائل مختلفة تستعملها، نحن ندعم كل الجهود لدفع النخبة اللبنانية إلى الأهداف الضرورية بما يتوافق مع بيان الدوحة في 17 يوليو”.
الأبواب المفتوحة
من الممكن التحدّث كثيراً عن توافقات الفرنسيين والأميركيين أو عن اختلافاتهم، بما في ذلك ما تسرّب أن اجتماعاً عقد في نيويورك وشهد خلافات حادة بين الأطراف، ولكن من الواضح أن الأميركيين يريدون المحافظة على التنسيق بين أطراف الخماسية، كما يريدون المحافظة على الأبواب المفتوحة على كل الأطراف في لبنان.
فالأميركيون رغم كل الدعوات اللبنانية وغير اللبنانية، لا يريدون اللجوء إلى إجراءات حادة تقطع الاتصال مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي، وقد صدرت بيانات من أعضاء كبار في الكونغرس الأميركي تدعو إلى فرض عقوبات على كل من يعرقل جلسات لانتخاب رئيس، وكان المقصود نبيه برّي، لكن الإدارة الأميركية ما زالت رافضة لهكذا إجراء.
دور غير نشيط
الأمر الآخر المثير للاهتمام في موقف الأميركيين هو ظهورهم بموقف اللاعب غير النشيط، فهم يمتنعون عن دعم مرشّح بالاسم، كما أنهم يمتنعون عن الاعتراض على مرشح آخر.
ففي حالة جهاد أزعور والدعم الكبير الذي تلقّاه من النواب اللبنانيين، حافظ الأميركيون على موقف صامت، ويشير أحد المتحدثين في واشنطن إلى أن الإدارة الأميركية تعرف جهاد أزعور جيداً، وهو يعمل في صندوق النقد الدولي، والقسم الذي يترأسه جهاد أزعور مسؤول عن برنامج الإصلاحات الذي تم إقراره بين لبنان وصندوق النقد الدولي، ومع ذلك لم تدعم واشنطن ترشيحه، ولم تطلب من بعض المستقلين القريبين منها أن يصوّتوا له عندما امتنعوا عن التصويت.
وفي حالة سليمان فرنجيه ورغم أنه مرشح “حزب الله” وحركة “أمل” فإن الأميركيين امتنعوا عن القول إنهم لا يريدونه، وقال من قبل إن واشنطن ستتعامل مع أي رئيس للجمهورية في لبنان بصرف النظر عمن دعمه ليصبح رئيساً للجمهورية.
إلى ذلك، لا يخفي أحد في العاصمة الأميركية نوعاً من القبول المسبق بشخص قائد الجيش اللبناني جوزيف عون، أولاً لنجاح العلاقة بين مؤسسته والأميركيين، ولبقائه شخصية مستقلة غير منخرطة في السياسة في لبنان، ومع ذلك لا يعلن الأميركيون أنهم مؤيّدون له.
مواصفات فقط
حتى الآن يكتفي الأميركيون بالمواصفات، ويقول متحدث باسم وزارة الخارجية لـ”العربية” و”الحدث”: “إن الشعب اللبناني يستحق قادة بمن فيهم رئيس وحكومة كاملة الصلاحيات وتعمل، ويؤمنون بالمحاسبة والشفافية والسير قدماً بالبلاد”.
ويضيف أن الإدارة الأميركية تريد رؤية زعماء لبنانيين غير منغمسين في الفساد، ولديهم النية لاتخاذ قرارات صعبة، والقيام بالجهد المطلوب لمساعدة الاقتصاد في العودة إلى مساره.
هذا الأسلوب لدى الأميركيين ليس جديداً، فغياب النشاط والضغط على الأطراف المحليين والإقليميين والدوليين حصل في المرتين السابقتين، وأدّى الأمر في المرة الأولى إلى انتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بعد أشهر من الفراغ، ثم أدّى إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.
في المقابل تبدو الإدارة الأميركية مهتمة باستمرار الاستقرار في لبنان وعلى الحدود مع إسرائيل، وكانت زيارة الموفد الرئاسي عاموس هوكستين في هذا الإطار، وهو أراد التأكد من أن الأطراف ما زالت جدية في تطبيق ما اتفقت عليه، وتقول مصادر الحكومة الأميركية “إنه عاد متفائلاً من لبنان”، وما دام الطرفان جديين “فإن الحوارات ستستمر”.